الخميس، 9 أبريل 2009

الفصل الثالث : البعد عن التكلف
نفى الله عز وجل عن رسوله صلى الله عليه وسلم التكلف حين قال على لسانه : ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين . إن هو إلا ذكر للـعالمين . ولتعــلمن نبأه بعـد حين ) ( ص : 86- 88) " لأن التكلف فى كل أمر يحبط تأثيره ويلقى على صاحبه ظلالاً من الكراهية والاستثقال وأظهر ما يكون التكلف فى قول يقال لأن السامع لا يفتح صدره لمن يلمس فيه هذا الخلق الثقيل , ومهما كان قوله صائباً صحيحاً فإن مسحة التكلف تلقى عليه ظلالاُ بغيضة تجعله أشبه بالقول المخطئ وما هو به لأن الروح التى يصدر عنها لا تظهر صافية مطبوعة , بل تعانى من آصار التكلف والتصنع ما يكاد يعصف بما لديها من السداد والإصابة " ([1] ) أما عن النبى صلى الله عليه وسلم فلقد مضى فى بداية البحث بيان مدى عنايته بالمنطق وحرصه على إصلاحه واعتداله , وبعده عن التكلف فيه , ومن هنا كره الثرثرة والتشادق والتخلل باللسان كما تخلل الباقرة بلسانها ؛ ولذلك كان يتكلم بكلام بين فصل لو عده العاد لأحصاه حرصاً منه صلى الله عليه وسلم على أداء أمانة التبليغ , ورعاية مقتضى حال المخاطبين فاتسم تعبيره بالوضوح والإشراق والبيان والسداد , ولتوضيح هذه الناحية فى البيان النبوى سأتناول بالبحث السجع فى الحديث النبوى , والموسيقى النثرية , وبعض فنون البديع اللفظية والمعنوية كالطباق , والمقابلة , والجناس ؛ ولقد اخترت هذه الفنون البديعية دون غيرها لأن هذه الفنون مما كثر فيه التكلف فى كتابات كثير من الكتاب والأدباء عبر التاريخ , وفى كثير من الأسجاع نلمح أن كثيراً من الأدباء كانوا يحرصون على اللفظ أكثر من حرصهم على المعنى وكانت عنايتهم مصروفة إلى حشد الألفاظ المسجعة والعبارات المترادفة , وكان السجع هدفاً فى ذاته مما أخرج كثيراً منهم عن حد الاعتدال إلى التكلف المذموم , وهذا أمر معلوم وملاحظ فى مثل مـقامات الهمــذانى والـحريرى , وفى كتـابات القاضى الفاضل وغيرهم ([2] ) أمـا فى البـيان النــبوى فسيـتضح لنا كــيف جاءت هذه الـفنون البديـعية فيه عـلى نـهج الـسداد والاعتدال بعيداً عن التكلف المذموم .وأقدم هنا بتمهيد موجز يتناول الحديث عن السجع ومعناه , وضوابطه عند البلاغيين , وموقف النبى صلى الله عليه وسلم منه , وسبب رفضه للسجع فى كلام الأعرابى مع أنه قد جاء كثيراً فى البيان النبوى , ولم لم يأتِ القرآن والحديث مسجوعين ؟, ويأتى بعد ذلك الحديث عن التوازن , وبعد ذلك التطبيق على نماذج من السجع والتوازن فى الحديث النبوى, ثم الموسيقى النثرية فى الحديث مع التطبيق على نماذج من البيان النبوى , ويأتى بعد ذلك أمثلة للطباق والمقابلة والجناس فى البيان النبوى .
أما عن السجع فى البيان النبوى : فحين نتحدث عنه فإننا نتحدث عن فن لا يتصدى له إلا من رسخت قدمه فى البلاغة , وألم بأسباب الفصاحة ؛ لأن الأمر فى السجع ليس مجرد الجمع بين فاصلتين متفقتين فى حرف واحد , ولو كان الأمر كذلك لاستطاع كثير من الناس أن يقولوا السجع ويبدعوا فيه , ولكن هذا الفن من فنون الكلام له ضوابط ودقائق يعرفها من سبروا أغوار هذا الفن , وأدركوا سر الجمال فيه , ومنبع الحسن فى تركيبه . وقبل التطبيق على نماذج من البيان النبوى أقدم بذكر الضوابط التى وضعها البلاغيون للسجع الحسن البليغ حتى يتسنى لنا من خلالها الوقوف على دقة السجع فى البيان النبوى , وتربعه على ذروة سنام البلاغة .
معنى السجع : السجع مأخوذ من سجع الحمام : وهو تغريده ([3] ) , وحده ابن سنان الخـفاجى بأنه : " تماثل الحروف فى مقاطع الفصول " ([4] ) , وقال الخطيب : " هو تواطؤ الفاصلتين على حرف واحد " ([5] ) , وهذا معنى قول السكاكى : " الأسـجاع فى النـثر كالـقوافى فى الشعر " ([6] ) ولقد ردد ابن الأثير تعريف الخطيب حيث قال : " يقال فى السجع وحده تواطؤ الفواصل فى الكلام المنثور على حرف واحد " ([7] ) , وهذه التـعريفات كلها تدور حول معنى واحد , وهو أن تتفق الكلمتان الأخـيرتان من الفقرتـين فى حــرف واحد فى آخــرهــما ([8] ) , وهــذا التواطـؤ بينالفاصلتين لابد له من ضوابط ذكرها البلاغيون , وقد استخلصوها من خلال النظر فى شواهد هذا الفن فى القرآن والحديث , وكلام العرب , يقول ابن سنان الخفاجى : " والمذهب الصحيح أن السجع محمود إذا وقع سهلاً متيسراً بلا كلفة ولا مشقة , وبحيث يظهر أنه لم يقصد فى نفسه ولا أحضره إلا صدق معناه دون موافقة لفظه , ولايكون الكلام الذى قبله إنما يتخيل لأجله , وورد ليصير وصلة إليه فإنا متى حمدنا هذا الجنس من السجع كنا قد وافقنا دليل من كرهه , وعملنا بموجبه لأنه دل على قبح ما يقع من السجع بتعمل وتكلف , ونحن لم نستحسن هذا النوع , ووافقنا أيضاً دليل من اختاره لأنه إنما دل به على حسن ما ورد فى كتاب الله تعالى وكلام النبى صلى الله عليه وسلم , والفصحاء من العرب ([9] ) , ولقد أشار الأمام عبد القاهر إلى أن " الأحسن والأهدى أن ترسل المعانى على سجيتها , وتدعها تطلب لنفسها الألفاظ ... أما أن تضع فى لنفسك أنه لابد من تجنيس أو سجع بلفظين مخصوصين فهو الذى أنت منه بمعرض الاستكراه , وعلى خـطر من الخطإ والوقوع فى الذم " ([10] ) , وهذا ما نبه إليه صاحب الكشاف وهو بصدد تفسير قوله تعالى : ( وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) ( النمل : 22) ([11] ) " فالأصل فى السجع هو الاعتدال فى مقاطع الكلام , والاعتدال مطلوب فى جميع الأشياء ... , ومع هذا فليس الوقوف فى السجع عند الاعتدال فقط ولا عند تواطؤ الفواصل على حرف واحد , إذ لو كان ذلك هو المراد من السجع لكان كل أديب من الأدباء سجاعاً ..., بل ينبغى أن تكون الالفاظ حلوة طنانة رنانة لا غـثة ولا باردة , والمقصود بالغثة الباردة أن صاحبها يصرف نظره إلى السجع من غير نظر إلى مفردات الألفاظ المسجوعة وما يشترط لها من الحسن , ولا إلى تركيبها وما يشترط له من الحسن , ووراء ذلك مطلوب آخر وهو أن يكون اللفظ فيه تابعاً للمعنى لا أن يكون المعنى تابعاً للفظ فإنه يجئ عند ذلك كظاهر مموه على باطن مشوه , ويكون مثله كغمد من ذهب على نصل من خشب , ولقد ذكر ابن الأثير شرطاً آخر لحسن السجع وهو أن تكون كل واحدة من السجعتين المزدوجتين مشتملة على معنى غير المعنى الذى اشتملت عليه أختها , فإن كان المعنى فيها سواء فذلك هو التطويل بعينه ؛ لأن التطويل هـوالدلالة على المـعنى بألفاظ يمكن الدلالة عليه بدونها . فالكلام المسجوع إذاً يحتاج إلى أن يتوافر فيه أربعة أمور : الأول : اختيار مفردات الألفاظ . الثانى : اختيار التركيب . الثالث : أن يكون اللفظ فى الكلام المسجوع تابعاً للمعنى لا أن يكون المعنى تابعاً للفظ . الرابع : أن تكون كل واحدة من الفـقرتين المسجوعتين دالة على معنى غير المـعنى الذى دلت عـليه أختها ... " ([12] )
" والسجع مبنى على الوقف , وكلمات الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفاً عليها ؛ لأن الغرض أن يجانس المنشئ بين القرائن ويزاوج , ولا يتم له ذلك إلا بالوقـف , إذ لو ظهر الإعراب لفات الغرض , وضاق ذلك المجال على قاصده " ([13] )

وأحسن السجع : "أن تكون كل واحدة من الفقرتين مؤلفة من ألفاظ قليلة , وهو أشرف السجع للاعتدال فيه كقوله تعالى : ( فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر ) ( الضحى : 10,9) , والفاصلتان هنا متساويتان لا تزيد إحداهما عن الأخرى كأنما أفرغـتا فى قالب واحد . وأمثال ذلك فى القرآن كثيرة " ([14] ) , ثم ما طالت الثانية ثم الثالثة , كقوله تعالى : ( والعصر * إن الإنسان لفى خـسر * إلا الذين آمـنوا وعمـلوا الصالـحات وتواصـوا بالـحق وتواصـوا بالصـبر ) ( العصر : 1-3) , ويشترط ألا يكون الفصل الثانى أطول من الأول طولاً يخرجه عن الأعتدال خروجاً كثيراً فإنه يقبح عند ذلك ويستكره ويعد عيباً... أما أن يكون الفصل الأخر أقصر من الأول – وهو عيب فاحش عند ابن الأثير – وسبب ذلك أن السجع يكون قد استوفى أمده من الفصل الأول بحكم طوله ثم يجئ الفصل الثانى قصيراً عن الأول فيكون كالشئ المبتور فيبقى الإنسان عند سماعه كمن يريد الانتهاء إلى غاية فيعثر دونها ([15] )
ويرى ابن الأثير أن السجع على اختلاف أقسامه ضربان : " أحدهما : يسمى السجع القصير وهو أن تكون كل واحدة من السجعتين مؤلفة من ألفاظ قليلة , وكلما قلت الألفاظ كان أحسن لقرب الفواصل المسجوعة من سمع السامع , وهذا الضرب أوعر مذهباً , وأبعد متناولاً , ولا يكاد استعماله يقع إلا نادراً . والضرب الآخر : يسمى السجع الطويل , وهوضد الأول لأنه أسهل متناولاً , وإنما القصير من السجع أوعر مسلكاً من الطويل لأن المعنى إذا صيغ بألفاظ قصيرة عز مواتاة السجع فيه لقصر تلك الألفاظ وضيق المجال فى استجلابه , وأما الطويل فإن الألفاظ تطول فيه ويستجلب له السجع . والسجع القصير أحسنه ما كان مؤلفاً من لفظين لفظين , ومنه ما يكون مؤلفاً من ثلاثة ألفاظ وأربعة وخمسة , وكذلك إلى العشرة , وما زاد على ذلك فهو من السجع الطويل . والسجع الطويل تتفاوت درجاته أيضاً فى الطول , فمنه ما يقرب من السجع القصير , ومنه ما يزيد على ذلك " ([16] )
وهذه أبرز ضوابط السجع الحسن البليغ عند البلاغيين . أما عن أقسامه فسيأتى الحديث عنها فيما بعد . ولكن قبل ذلك لابد من توضيح أمر هام , وهو إذا كان السجع موجوداً فى البيان النبوى فلم رفض النبى صلى الله عليه وسلم السجع فى كلام الأعرابى ([17] ) الذى قال : كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل , فمثل ذلك يطل , فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " إنما هذا من إخوان الكهان " , وفى رواية لمسلم " إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذى سجع " , وفى رواية " أسجع كسجع الأعراب " . وهناك سؤال آخر : وهو إذا كان للسجع منزلة فى البلاغة فلم لم يأتِ القرآن والحديث مسجوعين ؟
أما عن السؤال الأول : فالنبى صلى الله عليه وسلم كره السجع فى كلام الأعرابى لأنه وقع منه مع التكلف فى معرض مدافعة الحق . فالتكلف فى هذا الفن والنظر فيه إلى الناحية اللفظية دون المعنى مما يعاب فيه , وإن أضيف إليه مدافعة الحق تضاعف التكلف , وزادت الكراهة فيه . أما ما يقع من هذا الفن عفو الخاطر بدون تكلف فى الأمور المباحة فـجائز , وعلـى ذلك يحمل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث المشتملة على السجع .
وفى ذلك يقول العلماء : " إنما ذم النبى صلى الله عليه وسلم سـجعه ( أى الأعـرابى ) لوجهين : أحدهما : أنه عارض حكـم الشرع ورام به إبـطاله . والثانى : أنه تكـلفه فى مخاطبته . وهذان الوجهان من السجع مذمومان , وأما السجع الذى كان النبى صلى الله عليه وسلم يقوله فى بعض الأوقات – وهو مشهور فى الحديث – فليس من هذا لأنه لا يعارض حكم الشرع , ولا يتكلفه , فلا نهى فيه , بل هو حسن , ويؤيد ما ذكرنا من التأويل قوله صـلى الله عليه وسـلم : " كسجع الأعراب " فأشار إلى أن بعض السجع هو المذموم " ([18] ) , ويقول ابن حجر : " والحاصل أنه إن جمع بين الأمرين من التكـلف وإبطال الحق كان مذموماً , وإن اقتصر على أحدهما كان أخف فى الذم , ويخرج من ذلك تقسيمه إلى أربعة أنواع : فالمحمود ما جاء عفو الخاطر فى حق , ودونه ما يقع متكلفاً فى حق أيضاً , والمذموم عكسهما " ([19] )

ويرى ابن الأثير " أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أنكر الحكم الذى تضمنه السجع من امتناع الكاهن أن يدى الجنين بغرة عبد أو أمة , وأن السجع الذى أتى به الرجل كلام حسن من حيث السجع , وليس بمنكر فى نفسه " ([20] ) ([21] )

ويبدو لى أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أنكر السجع فى كلام الأعرابى لأجل تكلفه , ولأن السجع فى كلامه مقصود لذاته ويحال عليه المعنى , ولكن لو أتى السجع فى بعض كلامه ومنطقه , ولم تكن القوافى متكلفة ولا متمحلة مستكرهة , وكان ذلك على سجية الإنسان وطبعه فهو غير منكر ولا مكروه ([22] ) أما أن سجع الرجل حسن لا بأس به فهذا مما انفرد به ابن الأثير ([23] )
أما عن السؤال الثانى : وهو إذا كان للسجع هذه المنزلة من البلاغة فلم لم يأت ِ القرآن والحديث مسجوعين ؟ ولقد أجاب على ذلك ابن سـنان الخفاجى وابن الأثير , فقال ابن سنان : " فإن قال قائل : إذا كان عندكم أن السجع محمود , فهلا ورد القرآن كله مسجوعاً ؟ وما الوجه فى ورود بعضه مسجوعاً وبعضه غير مسجوع ؟ قيل : إن القرآن أنزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم , وكان الفصيح من كلامهم لا يكون كله مسجوعاً لما فى ذلك من أمارات التكلف والاستكراه والتصنع لا سيما فيما يطول من الكلام , فلم يرد مسجوعاً جرياً على عرفهم فى الطبقة العالية من الكلام , ولم يخل من السجع لأنه يحسن فى بعض الكلام على الصفة التى قدمناها , وعليها ورد فى فصيح كلامهم , فلم يجز أن يكون عالياً فى الفصاحة وقد أخل فيه بشرط من شروطها , فهذا هو السبب فى ورود القرآن مسجوعاً وغير مسجوع ... " ([24] ) , وقال ابن الأثير : " وما منع أن يأتى القرآن كله مسجوعاً إلا أنه سلك به مسلك الإيجاز والاختصار , والسجع لا يؤاتى فى كل موضع من الكلام على حد الإيجاز والاختصار , فترك استعماله فى جميع القرآن لهذا السبب . وهاهنا وجه آخر هو أقوى من الأول , ولذاك ثبت أن المسجوع من الكلام أفضل من غير المسجوع , وإنما تضمن القرآن غير المسجوع لأن ورود غير المسجوع معجزاً أبلغ فى باب الإعجاز من ورود المسجوع , ومن أجل ذلك تضمن القرآن القسمين جميعاً " ([25] )

ومما تجدر الإشارة إليه أن العلماء اختلفوا هلى يقال فى فواصل القرآن أسجاع أو لا ؟ فمنهم من منعه , ومنهم من أجازه . والذى منع تمسك بقوله تعالى : ( ... كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) ( هود : 1) قال : " فسـماه فواصل , وليس لنا أن نتجاوز ذلك , وتسمى فواصل لأنه ينفصل عنده الكلامان , وذلك أن آخـر الآية فصـل بينها وبين ما بعـدها " ([26] ) , ولأن أصله من سجع الطائر فشرّف القرآن الكريم أن يستعار لشئ فيه لفظ هو أصل فى صوت الطائر , ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث فى اسم السجع الواقع فى كلام آحاد الناس , ولأن القرآن من صفات الله عزوجل فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها وإن صح المعنى , وفرقوا بينهما بأن السجع هو الذى يقصد فى نفسه ثم يحال عليه المعنى , والفواصل التى تتبع المعانى ولا تكون مقصودة فى نفسها . وممن ذهب إلى ذلك الرمانى و تبعه القاضى الباقلانى ونقل عن الأشعرية امتناع كون فى القرآن سجعاً قال:
" ونص عليه الشيخ أبو الحسن الأشعرى فى غير موضع من كتبه " , وذهب كثير من مخالفيهم إلى إثبات السجع فى القرآن , وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام , وأنه من الأجناس التى يقع بها التفاضل فى البيان والفصاحة كالتجنيس والالتفات ونحوها , ورد الخفاجى على قول الرمانى : إن السجع عيب والفواصل بلاغة غلط , فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وكأنه غير مقصود فذلك بلاغة والفواصل مثله , وإن أراد ما تقع به المعانى تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب والفواصل مثله . وقال ابن النفيس : يكفى فى حسن السجع ورود القرآن , ولا يقدح فى ذلك خلوه فى بعض الآيات لأن الحسن قد يقتضى المقام الانتقال إلى أحسن منه إلى آخر ما ذكره أصحاب هذا الرأى " ([27] )
أما عن التوازن ([28]) :وسماه الخطيب " الموازنة ": وهو أن تكون الفاصلتان متساويتين فى الوزن دون التقفية كقوله تعالى : ( ونمارق مصفوفة . وزرابى مبثوثة ) ( الغاشية : 16,15) فإن كان ما فى إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما فيها مثل ما يقابله من الأخرى فى الوزن خص باسم " المماثلة " كقوله تعالى : ( وآتيناهما الكتاب المستبين . وهديناهما الصراط المستقيم ) ( الصافات : 118,117) ([29] ) فالموازنة التساوى فيها فى الوزن دون التقفية , وعليه فبين السجع والموازنة مباينة ([30] ) لأنه يجب فى الموازنة عدم الاتفاق فى التقفية بخلاف السجع فإنه يشترط فيه الاتفاق فى التقفية ( [31] )
وللكلام بالموازنة طلاوة ورونق , وسببه الاعتدال لأنه مطلوب فى جميع الأشياء, وإذا كانت مقاطع الكلام معتدلة وقعت من النفس موقع الاستحسان "([32] ) ([33] ) , وهو دون السجع فى المنزلة لأن فواصله على أحرف متقاربة المخارج , وليست من جنس واحد " ([34] )
وبعد أن وقفنا على ضوابط السجع والتوازن عند البلاغيين ننتقل إلى روائع البيان النبوى فى هذين الفنين من فنون البديع .
فالسجع فى البيان النبوى ما أروعه وأبدعه لأنه سجع يأتى لموافقة المعنى بعيداً عن التكلف , ولقد جرى عليه كثير من كلامه صلى الله عايه وسلم كما يقول أبو هلال العسكرى ([35] ), ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله , وصلوا خمسكم , وصوموا شهركم , وأدوا زكاة أموالكم , وأطيعوا أمراءكم , تدخلوا جنة ربكم " ([36] ) , وهنا السجع فى أعلى درجات الحسن لقصر عباراته من ناحية , وتنوع فواصله واختلافها فى المعنى من ناحية أخرى . وقد مضى أن السجع القصير الفقرات أوعر مسلكاً , وأن من صفات السجع الحسن أن تختلف فواصله فى المعنى ولاتتكرر بألفاظ أخرى مرادفة لها , وهنا نلمح أيضاً أن السجع مما يناسب المقام لأنه بصدد بيان بعض أصول الإسلام , ويحتاج إلى ترسيخها فى الأذهان , وبهذه الموسيقى اللفظية فى العبارات يتسنى تثبيت المعانى المذكورة فى النفوس حتى يتمكن من فهمها والعمل بها , والسجع برنته مما يساعد على ذلك .كذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " خير الناس من طال عمره , وحسن عمله " ([37] ) , وهذا الحديث يشارك ما قبله فى قصر عباراته وعذوبة ألفاظه مع إيجازه حيث جمع بين الخيرين : طول العمر , وحسن العمل . فما أروع معناه , وأعذب ألفاظه . ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " أنا النبى لا كذب , أنا ابن عبد المطلب " ([38] ) , ونلاحظ هنا أن فواصل السجع جاءت ساكنة الأعجاز فى حال الوقف , وقد مضى أن السجع مبنى على الوقف , وأن كلمات الأسجاع مبنية على أن تكون ساكنة الأعجازموقوفاً عليها . ويبدو لى فى الوقف على السجع فى هذا الحديث سر آخر , فالسكون فى الفاصلتين – هنا – مرتبط بالمعنى تمام الارتباط , وكأنه جاء بسكون الفاصـلتين لقطع الكلام وحسـمه فى هذا الأمر وثـباته فـى الموقف يوم حنين ([39] ) , فصدقه فى نبوته أمر محسوم مقطوع به , وكونه ابن عبد المطلب أيضاً أمر مقطوع به فأراد أن يوافق بين المعنى واللفظ فأتى بالعبارتين على السكون والوقف والقطع ليناسب اللفظ المعنى فيكون الوقف فى الفاصلتين , والسكون مما يناسب القطع والحسم فى المعنى المقصود , فهو النبى صدقاً فلا يفر, وهو ابن عـبد المطلب صـاحب النجدة , وزعيم مكة , وهذا يؤكد ما سبق ذكره من أن السجع الحسن المقبول ما كان اللفظ فيه تابعاً للمعنى فلا يتكلف السجع لتزيين اللفظ , وإنما المعنى هو الذى يطلبه لأن السجع أدق ما يعبر عنه , وهذا ما نلاحظه فى البيان النبوى ومن السجع الحسن الذى تعددت فقراته مع قصرها, واختلاف معناها , وعذوبة ألفاظها قوله صلى الله عليه وسلم : " بادروا بالأعمال سبعاً : هل تنتظرون إلا فـقراً منسياً , أو غـنى مطغياً , أو مرضاً مفسداً , أو هرماً مفنداً , أو موتاً مجهزاً , أو الدجال فشر غائب ينتظر , أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" ([40] ) , ويلاحظ هنا قصر الفقرات مع تنوعها واختلاف معناها , وعذوبة ألفاظها . وقافية السجع فى قوله : " منسياً , ومطغياً " إلخ مرتبطة بالمعنى تمام الارتباط , وهى فيما يبدو لى تصور غفلة الناس عن هذه الأمور مع قربها منهم ,والأمر فى هذه الأسجاع يحتاج إلى ذوق وتأمل لإدراك العلاقة بين السجع والمعنى , واللفظة التى تنتهى بها الفقرة المسجوعة , فالأمر فى السجع ليس مجرد الموافقة فى الفواصل كما سبق , بل الأمر مرتبط بالمعنى تمام الارتباط , وهو ما يلاحظ عند التأمل فى البيان النبوى ([41] ) .
ويلاحظ فى الأمثلة الماضية أن السجع فيها من السجع الذى تساوت فقراته مع قلة الألفاظ فى كل فقرة منها , وهو من أشرف السجع منزلة للاعتدال فيه كما مضى , ولأنه إذا كانت كل واحدة من السجعتين مؤلفة من ألفاظ قليلة كان ذلك أحسن لقرب الفواصل المسجوعة من سمع السامع , وهو أوعر مذهباً كما سبق .
ومن السجع الذى توسطت فقراته بين الطول والقصر قوله صلى الله عليه وسلم :" لو دعيت إلى كراع لأجبت , ولو أهدى إلى ذراع أو كراع لقبلت " ([42] )
ويلاحظ هنا أن الفقرتين فى السجع تزيد أعداد كلماتهما عن الأحاديث السابقة , وقد مضى أن السجع الحسن يتفاوت فى الطول بين القصير والطويل , ويلاحظ أن الفقرتين فى السجع متساويتان فى أعداد الكـلمات , وهذا التـساوى مما يزيد الـسجع حسناً وجمالاً نـظراً للاعتـدال فيه . كذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إنكم ستحرصون على الإمارة , وستكون ندامة يوم القيامة " ([43] )
ومن أسرار الجمال هنا اللفظة التى تنتهى بها الفقرة فى السجع , فاللفظة الأخيرة مع السجع لها رنة وموضع وسر , فلم يقل مثلاً : ستـحرصون على الولاية أو نحو ذلك , وإنما قصد هذه اللفظة لأنها بالأذهان أعلق وإلى النفوس أحب, وفى النطق أعذب , وفى المزاوجة بينها وبين القيامة ربط ذهنى بين الدنيا والآخرة فى ومضة عين .وهذا يؤكد ما سبق ذكره أن السجع فن دقيق يراعى فيه المعنى واللفظ والقافية السجعية بمايتلاءم مع المعنى . ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تحل الصدقة لغنى , ولا لذى مرة سوى " ([44] ) , ويلاحظ الاعتدال والتساوى بين الفقرتين فى الحديث , وذلك مما أكسب الفقرتين عذوبة فى النطق , ولذة فى السمع , وذلك من خلال المواءمة بين اللفظ والمعنى .ومن السجع الذى طالت فقرته الأولى عن الثانية : قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه , ومن ولى من أمر أمتى شيئاً فرفق بهم فارفق به " ([45] ) وقد مضى أن قصر الفقرة الثانية مع طول الأولى أمر نسبى يختلف تبعاً لطبيعة الكلام والمقام , فقد يكون قصر الثانية عن الأولى مما يتطلبه المقام ويناسب المعنى , وقد ذكر أبو هلال العسكرى بعض الأحاديث التى كان الجزء الثانى أو الأخير فيها أقصر من الأول . وهذا أيضاً وارد فى كلام الفصحاء والبلغاء ([46] )
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الرفق لا يكون فى شئ إلا زانه , ولا ينزع من شئ إلا شانه " (*) والسجع هنا قد ترشح بفن آخر من فنون البديع المعنوى , وهو فن الطباق وذلك فى قوله : " لا يكون , ولا ينزع " , وقوله : " زانه , وشانه " , وهذا مما يزيد السجع حسناً وجمالاً أن يجمع معه فن آخر من فنون البديع فيزداد الكلام رونقاً وحلاوة وطلاوة .
ومن هذا النوع قوله صلى الله عليه وسلم :" يسروا ولا تعسروا , وبشروا ولا تنفروا " ([47] ) ففى هذا الحديث يلاحظ أن ألفاظ الجزءين مسجوعة فيما بينها , ويلاحظ أن الفاصلتين مسجوعتان , فالكلام سجع فى سجع , وقد ترشح بفن آخر من فنون البديع المعنوى وهو الطباق بين " يسروا ولا تعسروا , وبشروا ولا تنفروا " وهذا مما زاد الكلام طلاوة وجمالاً ويبدو لى أن هذا السجع مع المطابقة بهذه الألفاظ أمر مقصود إليه فى البيان النبوى
ومن الأحاديث المسجعة التى طالت فيها الأجزاء الأولى , وقصرت فيها الأجزاء الأخيرة : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ , فإذا قتلتم فأحسنوا الِقتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الِذبحة , وليحد أحدكم شفرته , وليرح ذبيحته " ([48] ) , وقوله صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان , ثقيلتان فى الميزان , حبيبتان إلى الرحمان , سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم " ([49] )

ومن الأحاديث التى كثر فيها السجع أحاديث الدعاء , والسجع مما يناسب هذا المقام مقام التضرع والابتهال إلى الله عزوجل , وقد تنوعت فواصل السجع فى أحاديث الدعاء ما بين القصيرة والطويلة حسب المقام والغرض , وأحاديث الدعاء المسجعة لها رنة وصدى فى الأذن مما يناسب حال الداعى الخاشع المتضرع , وقد روعى فيها مناسبة الألفاظ لمعانيها , ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم منزل الكتاب , ومجرى السحاب , وهازم الأحزاب , اهزمهم وانصرنا عليهم " ([50] ) , وقصر الفواصل هنا مما يناسب الحال و المقام , ويلاحظ أن الفاصلة الأخيرة تخالف فواصل السجع قبلها , ولقد ختم بها الدعاء , وجاءت بصيغة الأمر ومعناه الدعاء , ويلاحظ أيضاً قصر فواصل السجع واعتدالها , وهذا الضرب أوعر مسلكاً , ولا يتصدى له إلا أرباب الفصاحة والبلاغة .

ومن السجع الذى طالت فيه الفاصلة قبل الأخيرة فى أحاديث الدعاء : قوله صلى الله عليه وسـلم : " اللهم لك أسلمت , وبك آمنت , وعليـك توكلت , وإليك أنبـت , وبك خاصـمت , اللهم إنى أعـوذ بـعزتك لا إله إلا انت أن تـضلنى , أنت الـحى الذى لا يمـوت , والـجن والإنـس يـموتون " ([51] )
والسجع هنا مما يناسب المقام , وموسيقى الدعاء هنا هى الموسيقى الحانية التى تناسب جوالليل الوديع الهادئ لأن هذا الدعاء كان مما يقوله النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة فى جوف الليل ([52] ) , وطول الفاصلة قبل الأخيرة مع اتفاقها مع ما قبلها فى القافية مما يحسن فى السجع بشرط ألا تطول طولاً يخرجها عن حد الاعتدال , وما نراه هنا جاء على نهج الاعتدال , وقد ترشح السجع بفن آخر من فنون البديع المعنوى , وهو فن الطباق ,وهو من طباق السلب بين " لايموت , ويموتون " , وقد جاءت هذه العبارة فى الحديث مخالفة فى القافية لما قبلها , ومعناها يشير إلى قيومية الحق سبحانه وديمومته , ولعظم هذا المعنى والحرص على تثبيته فى النفوس جاءت هذه الفقرة مخالفة لقافية السجع فى الحديث لفتاً للأنظار , والأمر فى ذلك دقـيق حين نقرأ هذا الحـديث ونكرره بفقراته المسجوعة , فمن بدايته نراه يـشير إلى الإسلام لله , والإيمان به , والتوكل عليه , والإنـابة إليه , والمخاصمة فيه , والعياذ بعزته , وكلها تدور حول هدف واحد ومحور واحد . أما العبارة الأخيرة بما فيها من مطابقة تشتمل على معنى آخر , وهو الإشارة إلى قيومية الله تعالى وبقائه ؛ ولذلك خالف فى الفاصلة فليتأمل .

ومن ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أسلمت نفسى إليك , ووجهت وجهى إليك , وفوضت أمرى إليك , وألجأت ظهرى إليك , رغبة ورهبة إليك , لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك , آمنت بكتابك الذى أنزلت , وبنبيك الذى أرسلت " ([53] )
وهذا الدعاء برنته وتناغمه مما يناسب حال من أخذ مضجعه لينام ([54] ) , وقد تنوعت قافية السجع ما بين الكاف فى الفقرات الست الأولى , والتاء فى الفقرتين الأخيرتين , ويلاحظ أنه فى الفقرة الأخيرة قد جمع بين النبوة والرسالة فى قوله : " ونبيك الذى أرسلت " وقد يقول قائل : إن هذا تكرار لنفس المعنى وهو مما يخالف شرطاً من شروط السجع الحسن المقبول , ولكن عند التأمل الدقيق يلا حظ أن وراء ذلك سراً بلاغياً , " وهو أنه اختار أن يثنى عليه بالجمع بين الاسمين تعديداً للنعمة فى الحالين , وتعظيماً للمنة على الوجهين " ([55] )
ومن أحاديث الدعاء التى قصرت فقرات السجع فيها وجمعت الطباق مع السجع قوله صلى الله عليه :" اللهم اغفرلى ذنبى كله , دقه وجله , وأوله وآخره وعلانيته وسره "([56] ) ويلاحظ هنا اقتران السجع بالطباق فى الفقرات الثلاث الأخيرة , وهذا مما زاد المعنى جمالاً حيث إنه أجمل أولاً فى قوله : " اللهم اغفرلى ذنبى كله " ثم فصل بعد ذلك فى سائر الحديث فذكر الدقيق والجليل , والأول والآخر , والسر والعلانية , ويلاحظ اعتدال فقرات السجع واستوائها وقصرها , وذلك مما يناسب المقام والسياق , والسجع هنا زاد المعنى جمالاً لأنه تابع للمعنى الذى هو طلب المغفرة لكل الذنوب على اختلاف أشكالها .
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفرلى خطيـئتى وجهلى , وإسـرافى فى أمـرى , وما أنت أعلم به منى . اللهم اغفرلى جدّى وهزلى , وخطئى وعمدى , وكل ذلك عندى . اللهم اغفرلى ما قدمت وما أخرت , وما أسـررت وما أعلنـت , وما أنت أعلم به منى . أنت المقدم والمؤخر , وأنت على كل شئ قدير " ([57] ) , ويلاحظ هنا تنوع فقرات السجع ما بين القصيرة والمتوسطة فى الفقرات الخمس الأولى , ويلاحظ اختلاف قافية السجع فى الفقرتين التاليتين لهذه الخمس مع اقتران السجع بالطباق فى بعض الفقرات كما فى قوله : " جدى وهزلى , وخطئى وعمدى " , وقوله : " ما قدمت وما أخرت , وما أسررت وما أعلنت " , ولقد خالف فى القافية فى الفاصلتين الأخيرتين من الحديث وذلك لاختلافهما فى المعنى عن الفواصل السابقة , فالفواصل الأولى كلها على اختلاف قافيتها تدور حول طلب المغفرة للذنوب بكل أشكالها , والفاصلتان الأخيرتان تتحدثان عن أن الله هو المقدم والمؤخر لمن يشاء , وأنه على كل شئ قدير ؛ ومن ثم تغيرت الفاصلة تبعاً للمعنى . ويبدو لى أن هذا أمر مقصود إليه فى الحديث , فليتأمل فى دقة البيان النبوى وروعته .
ومن أحاديث الدعاء المتضمنة للسجع قوله صلى الله عليه :" اللهم إنى أعوذ بك من زوال نعمتك , وتحول عافيتك , وفجاءة نقمتك , وجميع سخطك "([58] ) وهــنا يلاحــظ تــنوع فــقرات السجع ما بين القصيرة والمتوسطة , وهذا التنوع يأتى تبعاً للمعنى , ويمكن ملاحظته عند التأمل فى معنى كل فقرة من الفقرات .
ومن أحاديث الدعاء التى طالت فيها فقرات السجع : قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم من ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه , ومن ولى من أمر أمتى شيئاً فرفق بهم فارفق به " ([59] ) , وهنا قد جمع بين المقابلة من فنون البديع المعنوى وبين السجع من فنون البديع اللفظى . والمقابلة هنا بين قوله : " فشق عليهم فاشقق عليه " , وقوله : " فرفق بهم فارفق به " , والسجع هنا مع طول فقراته إلا أنه يجرى على سـمت الاعتدال لأنه تابع للمعنى , ولأن تـنوع فقرات السـجع ما بين الطويلة والقصيرة مما يختلف أيضاً تبعاً للموضوع , والأمر فى السجع دقيق يحتاج إلى فضل تأمل وذوق .

والفواصل السجعية فى الحديث النبوى كما تتنوع فى الطول والقصر تبعاً للمعنى كذلك تختلف تبعاً للمعنى , وقد مضى مثال ذلك فى قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفرلى خطيئتى وجهلى ..." الحديث , ومن ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنى أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع , وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة " ([60] )
ومن السجع الذى قصرت فقراته , وهو من أحسن السجع وأشرفه للاعتدال فيه : قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أعنى على ذكرك , وشكرك , وحسن عبادتك " ([61] ) , وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحـب العبد التـقى , الغنى , الخـفى " ([62] ) , وقـوله صـلى الله علـيه وسـلم : " أنا برئ ممن حلق , وصلق , وخرق " ([63] ) , وقوله : " اللهم أنت السلام , ومنك السلام , تباركت يا ذا الجلال والإكرام " ([64] ) , والحديث الأخير مما طالت فقرته الثالثة عن الأولى والثانية , وهذا من أحسن السجع , وقصر فقرات السجع وطولها وتنوع فواصلها مما يرتبط بالمعنى والسياق فى البيان النبوى , والأمر يحتاج إلى فضل تأمل مـع الربط بين المعنى والسياق والمقام . وهذه الأحاديث غيض من فيض مما يزخر به البيان النبوى من الأحاديث المشتملة على السجع , ويلاحظ من خلالها أن السجع فى الحديث النبوى مما جرى على نهج الاعتدال لأنه جاء تابعاً للمعنى , كما برئ من التكرار المعيب , وقد ترشح فى كثير من الأحاديث بفنون أخرى من البديع كالطباق والمقابلة , وتنوعت فواصله بين الطويلة والقصيرة تبعاً للمعنى , واتضح أن كثيراً من أحاديث الدعاء يغلب عليها السجع الذى تختلف فيه القافية وطول الفقرة وقصرها تبعاً للمعنى والغرض , والأمر كما سبق يحتاج إلى فضل تامل مع الربط بين السياق والمقام .
وإذا كان البيان النبوى قد جاء بالبديع الرائق من السجع فقد جاء فيه أيضاً " التوازن " الذى تتساوى فيه الفاصلتان فى الوزن دون التقفية ([65] ) , ومن ذلك قوله صـلى الله عليه وسلم : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا : بلى يا رسـول الله . قال : " إسباغ الوضوء على المكاره , وكثرة الخطا إلى المساجد , وانتـظار الصلاة بعد الصلاة , فـذلكم الربـاط " ([66] ) فنـجد هنـا التوازن بين " المكاره " فـى نهـاية الـفقرة الأولى , و" المساجد " فى نهاية الفقرة التى تليها , والكلمتان مختلفتان فى التقفية , ولكنهما متفقتان فى الوزن , وهذا التوازن بين الكلمات فى القافية مما يزيد الكلام طلاوة .ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " السواك مطهرة للفم , مرضاة للرب " ([67] ) , وهنا اجتمع التوازن بين " الفم , والرب " , وحرفا الفاصلتين وهما " الميم , والباء " متقاربان فى المخرج مع الاختلاف فى القافية .
ومن التوازن قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنى أعوذ بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر , وأعوذ بك من فتنة الدنيا , وأعوذ بك من فتنة القبر " ([68] ) , والتوازن هنا بين قافية الفقرة الأولى " البخل " , وقافية الفقرة الثانية " العمر"
ومن ذلك ما رواه ابن أبى أوفى أنه صلى الله عليه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : " سمع الله لمن حمده , اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض , وملء ما شئـت من شئ بعد " ([69] ) , والتوازن هنا بين " الأرض " , و" بعد " فى الفقرتين الأخيرتين , وهذا التقارب بين الفواصل فى الحروف مع اتفاقها فى الوزن مما يزيد الكلام طلاوة ورونقاً وبهاءً وإن كان التوازن دون السجع فى المنزلة إلا أن البيان النبوى قد استعمل من فنون البديع ما يزيد المعانى وضوحاً , ويعطى الألفاظ عذوبة ورقة وجمالاً , ومن هنا جاء فى البيان النبوى السجع الحسن المعتدل البعيد عن التكلف والذى يتبع فيه اللفظ المعنى مع البعد عن التكرار المعيب فى السجع , وجاء فيه التوازن بين الكلمات حرصاً منه صلى الله عليه وسلم على إيضاح المعانى وصوغها فى أفضل قوالب من الألفاظ . ولم يقف الأمر فى البيان النبوى فيما يتعلق بالبديع عند السجع والتوازن , بل امتد ليشمل الموسيقى النثرية التى لا تكون بالمحسنات البديعية , وهذا يحتاج إلى إيضاح .
الموسيقى النثرية ([70] ) فى الحديث النبوى :
يظن بعض الناس أن الموسيقى النثرية لا تكون إلا بالمحسنات البديعية من سجع وازدواج وجناس , وهذا بعض الحق لا كله ؛ لأن الموسيقى النثرية قد تكون بهذه المحسنات إذا أتت عن طبع , وصدرت عن أصالة كما سبق , وقد تكون بغيرها إذا رتب الكلام ترتيباً نفسياً يوافق اهتزاز المشاعر , وتموجات النفس بأن يعبر الأديب عن خواطر تطرد وتتدفق منسجمة فى نسق خاص , فكأن سلكاً خفياً ينظمها نظم الدرر , وهذا ما يعرف بــ " الموسيقى الخفية " , وأمارتها أن تسمع للأثر الأدبى يتلى عليك ومن ورائه أذنك المرهفة تصغى لنظم قد تماسك والتحم معنى ومبنى بمعنى أن القارئ لو سكت فجأة دون إتمام مقاله الأدبى لشعرت أن نشازاً حدث فانبترت الموسيقى انبتاراً قاطعاً , فإذا أتم الحديث لغايته فقد بلغ بك الطرب النفسى أقصاه إذ رويت ظمأك بما ينقع الغليل ... , وهذه الموسيقى النثرية ليست حركة لفظة وإنما حركة نفسية أو هى ترجمة صوتية عن تجربة للكاتب من شأنها أن تعين اللغة والكلمات على أداء المضمون الروحى للكاتب , وبعبارة أخرى أن تعبر الألفاظ عن المعانى بذواتها , فإذا نسقت هذه الألفاظ تنـسيقاً خاصاً اكتـسبت من موسـيقاها معانى جديدة , وهذا هـو الذى يقـصده البلاغيون من ألفاظ العذوبة , والرقة , والفخامة , والطلاوة , والسماحة ... التى تفصح عن موسيقى الأدب وأثرها فى نفوسهم " ([71] ) , " وهذه الموسـيقى من صفات الجـودة فى الأسـلوب , وهى أمر يرتبط بالموهبة , والأذن المرهفة , والذوق السليم ... , وموسيقى الحديث عذبة تنساب فى الكلمة الحديثية , وفى الجملة الحديـثية كما تنساب فى الكـلام النـبوى " ([72] ) وإلى التطبيق على المنبع الصافى , والمعين الشافى لنقف على هذا التناغم والتلاحم فى البيان النبوى . ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً فى الجنة كلما غدا أو راح " ([73] ) , وهنا التناغم جاء من الارتبـاط والتلاحم بين كلـمات الحـديث , فالكلمات فى ذاتها متناسبة ومتقاربة , وهذا التناسب بين الكلمات يترتب عليه تناسب العبارات مما يعطى الكلام هذه الموسيقى الداخلية والتى نحس بها كلما كررنا الحديث ورددناه حيث نجده يدخل إلى الأذن دخول المأنوس بلا استئذان .
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة , ومن ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا والأخرة , والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه . ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة , وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة , وغشيتهم الرحمة , وحفتهم الملائكة , وذكرهم الله فيمن عنده , ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " ([74] ) ماأروع هذا الحديث , وما أرق موسيقاه الداخلية , وما أشد الـتلاحم بـين أجـزائه , إنك حين تقرأه تشعر أنك تطوف فى رياض نضرة مزينة بالورود , وأنت تسير فى رحابها فى هدوء وسكينة , فمعانى هذا الحديث يضيق المقام عن بسطها وتفصيلها , وألفاظه عليها مسحة من الرقة والتناغم والتلاحم فيما بينها , وخذ مثلاً قوله صلى الله عليه وسلم : " ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " ترى وأنت تقرأ وتردد هذا الجزء من الحديث كأنك ترافق هذا السالك , وتأمل فى اختياره للفعل "سلك " دون مشى أو نحو ذلك , وكذلك الفعل " يلتمس " بصيغة المضارع دون يطلب أو يحصل أو نحو ذلك وكذلك الفعل " سهل " , إن هذه الأفعال برقتها وعذوبتها مما يناسب هذا الموقف وهذه الحال حال طالب العلم , وما يتطلبه العلم من تحمل ومثابرة , و هى برقتها تبين الرفق والتمهل والتريث فى الطلب , وعدم التعجل مع التزام الهدوء والسكينة والتأنى فى الطلب والتحصيل وهى من الصفات والأخلاق التى يجب أن يتحلى بها طالب العلم . وخذ مثلاً آخر من نفس الحديث , هو قوله صلى الله عليه وسلم : " وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ..." إلخ تشعر وأنت تقرأ هذه الفقرة من الحديث كأنك فى محراب العلم , وقد نزلت عليك السكينة, وغشيتك الرحمة ... , إن ألفاظ الحديث بعذوبتها تنساب على اللسان وتدخل إلى الأذن بلا استئذان , وفيها من التلاحم والتناغم ما فيها , ولقد ختم هذا الحديث بعبارة مسجعة , وهى قوله صلى الله عليه وسلم : " ومن بطأ به عمله , لم يسرع به نسبه " وحين نقرن ونربط بين الفقرتين الأخيرتين وبين سائر الحديث نلمح اختلافاً فى التناغم والموسيقى الداخلية فالموسيقى فى الحديث جاءت من الألفاظ والتئامها والتحامها وترابطها ورقتها وعذوبتها . وفى آخر الحديث جاءت الموسيقى من خلال السجع والاتفاق فى القافية بين " عمـله , ونـسبه " , ولا شك أن اختلاف المعنى هو الذى تطلب اختلاف الفاصلتين عما قبلهما ويتضح ذلك من خلال النظر فى معانى الحديث . فالحديث من أوله يدعو إلى تنفيس الكرب عن المكروب , والتيسير على المعسر , والستر على المسلم , ومعاونة العباد , وسلوك طريق العلم , والحض على طلبه , وحضور مجالس الذكر , وكلها مما رغب فيه الدين ودعا إليه من من مكارم الأخلاق . أما نهاية الحديث فمختلفة لأنها تقرر أمراً آخر , وهو أن من قصر فى العمل لم ولن ينفعه النسب , وهو معنى آخر غير المعانى السابقة , وهـو ما تطـلب اختلاف الفاصـلة مع الـسجع والمـطابقة بين " بطأ , ويسرع " ([75] )
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " ازهد فى الدنيا يحبك الله , وازهد فيما عند الناس يحبك الناس " ([76] ) , وموسيقى هذا الحديث رقيقة , والصلة بين ألفاظه ومعانيه واضحة , فالزهد فى الدنيا من الأخلاق التى تتطلب شفافية النفس ورقتها , وعذوفها عن متع الدنيا , وهذا ما يناسبه موسيقى الألفاظ فى الحديث برقتها وتدفقها مع ما فيها من تناغم نلمحه حين نقرأ و نردد هذا الحديث .
ومن هذه الموسيقى الداخلية ما جاء فى الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل , ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه , فإن كان لابد فاعلاً فليقل : اللهم أحينى ما كنت الحياة خيراً لى , وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى " ([77] ) فقوله : " اللهم أحينى ..." إلخ نلمح أن ألفاظه تنساب على اللسان انسياباً يناسب حال هذا المبتلى مع الهدوء والسكينة اللذين يعتريانه , وهذه الألفاظ بتناغمها تعبر عن حال هذا المبتلى أدق تعبير .
كذلك قوله صلى الله عليه وسلم فى ركوعه وسجوده : " سبوح قدوس , رب الملائكة والروح " ([78] ) , وما أروع أن تربط بين موسيقى هذا الحديث وتناغمه, وبين حال هذا الساجد الخاشع القانت لله . وهذا غيض من فيض مما يزخر به البيان النبوى , وهذه الموسيقى النثرية مما يكثر فى أحاديث الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل .
وإذا كنا بصدد الحديث عن البعد عن التكلف فى البيان النبوى , وقد اتضح لنا ذلك من خلال السجع , والتوازن , والموسيقى النثرية أتمم الحديث فى هذا الموضوع بذكر نماذج للطباق , والمقابلة , والجناس من البديع المعنوى واللفظى ليتضح لنا أن الفنون البديعية فى البيان النبوى مما جاء على سمت الاعتدال مع البعد كل البعد عن التكلف , ومناسبة المقام , بل جاء لأن المقام يتطلبه , والمعنى يطلبه .
الطباق والمقابلة ومعناهما :
الطباق فى اللغة : الجمع بين الشيئين . يقولون : طابق فلان بين ثوبين , ثم استعمل فى غير ذلك , وهو راجع إلى الجمع بين الشيئين . وقد أجمع الناس على أن المطابقة فى الكلام هو الجمع بين الشئ وضده فى جزء من أجزاء الرسالة أو الخطبة أو البيت من بيوت القصيدة مثل الجمع بين البياض والسواد ... , والليل والنهار ..., والحر والبرد... " ([79] )
وله أقسام عند البلاغيين من علماء البديع يأتى ذكرها أثناء التحليل والتطبيق على الأحاديث.

أما عن المقابلة :
فهى أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم ما يقابل ذلك على الترتيب وأكثر ما تجئ المقابلة فى الأضداد ([80] ) , وقد تكون فى غير الأضداد , ولكنها بالأضداد أعلى رتبة وأعظم موقعاً ([81] ) وللمقابلة أنواع يأتى الحديث عنها فى التطبيق على الأحاديث .

أما عن الطباق : فمنه قوله صـلى الله عليه وسـلم : " اللهم اغفر لحيـنا وميتـنا , وشـاهدنا
وغائبنا . وصغيرنا وكبيرنا , وذكرنا وأنثانا " ([82] ) , والطباق هنا من طباق الإيجاب الذى صرح فيه بإظهار الضدين , ولم يختلف فيه الضدان إيجاباً وسلباً , وقد جاء الطباق هنا بين الأسماء , وهو ما يناسب المعنى والغرض , فهذا الدعاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله إذا صلى على الجنازة , فأراد أن يجمع فى ظل هذا الموقف فى طلب الرحمة والمغفرة للحى والميت , والشاهد والغائب , والصغير والكبير , والذكر والأنثى , والطباق بما فيه من تضاد يجمع بين هذه المعانى , فالأمر ليس مجرد الجمع بين ضدين فحسب .

ومن الطباق : قوله صلى الله عليه وسلم : " اليد العـليا خير من اليد الـسفلى " ([83] ) , وهذا الحديث مجاز لأن النبى صلى اله عليه وسلم أراد باليد العليا يد المعطى , وباليد السفلى يد المستعطى , ولم يرد أن هناك عالياً وسافلاً , وصاعداً ونازلاً , وإنما أراد أن المعطى فى الرتبة فوق الآخذ , ولقد ساعد الطباق فى رسم هذه الصورة , وفى بلاغة المجاز , وذلك من خلال التضاد بين العليا والسفلى .
ومن الطباق : قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنى أعوذ بك من شر ما عملت , ومن شر ما لم أعمل " ([84] )
والطباق هنا من طباق السلب بين قوله : " ما عملت , وما لم أعمل " حيث لم يصرح فيه بإضهار الضدين , واختلف فيه الضدان إيجاباً وسلباً , ومصدر الفعلين واحد وهو " العمل " فجاء الأول على الإيجاب , وجاء الثانى على السلب , وبلاغته هنا واضحة لأنه لو قال : " من شر ما عملت " فقط لدخل ما سبق من عمل الشر , ولم يدخل ما يمكن أن يعمله الإنسان من الشر فى المستقبل , وعلى ذلك تكون الاستعاذة من الشر مقصورة على عمل الماضى ولم يدخل فيها المستقبل , فأتى بقوله : " ومن شر ما لم أعمل " ليدخل فى الاستـعاذة العمل فى مستقبل الزمان بما لا يرضاه الله , فإنه لا مأمن لأحد من مكر الله ([85] ) فجاء الطباق هنا ليكون الدعاء جامعاً فى الاستعاذة من الشر فى الماضى والمستقبل .

ومن المقابلة : قوله صلى الله عليه وسلم : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا , فإن صدقا وبينا بورك لـهما فى بيـعهما , وإن كتما وكذبا محـقت بركة بيـعهما " ([86] ) , والمـقابلة هنـا بـين " صدقا , وبينا , وبورك لهما " من جهة , و بين " كتما , وكذبا , ومحقت بركة بيعهما " من جهة أخرى ,وقد مضى أن المقابلة تكون بالأضداد وبغيرها إلا أنها بالأضداد أعلى رتبة , وأحسن موقعاً كما نلا حظها فى هذا الحديث .
ومن المقابلة : قوله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستكون بعدى أثرة , وأمور تنكرونها " قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : " تؤدون الذى عليكم , وتسألون الذى لكم " ([87] ) , والمقابلة هنا بين " تؤدون ,وعليكم " من جهة , وبين " تسألون , ولكم " من جهة أخرى , ومن بلاغة المقابلة هنا أنها جمعت بين الحالين : حال أداء الحق المفروض على المسلم , وسؤال الحق الذى له , وبهذا يكون المسلم متوازناً فى حياته مراعياً للحقوق والواجبات , فليس همه أن يأخذ الذى له ويسأل عنه , وينسى الذى عليه من واجبات وحقوق , أو أن يؤدى الحق دون أن يأخذ حقه , فجاءت المقابلة لتضع توازناً وربطاً بين أداء الحق والسؤال عنه . وما أروع هذا المعنى لو عمل به المسلم فى حياته .

ومن المقابلة البديعة : قوله صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً , وتروح بطاناً " ([88] ) , والمـقابلة هنا بين " تغـدو وتروح , وخماصاً وبطاناً " , وهنا أيضاً ربط ما بين الحالتين : حالتى الغدو و الرواح , وحالتى الجوع والشبع , والمقابلة هنا أظهرت الحالتين : حالتى الجوع والشبع مع الأخذ بالأسباب فى الغدو والرواح , واتـضح من خلالها أن الله لا يـحرم من توكل عليه حق التوكل وأخذ بالأسباب , لا يحرمه المولى الكريم من فضله .

ومن المقابلة : قوله صلى الله عليه وسلم : " بادروا بالأعـمال الصـالحة فستكون فـتن كـقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً , ويمسى كافراً , ويمسى مؤمناً , ويصبح كافراً , يبيع دينه بعرض من الدنيا " ([89] ) , والمقابلة هنا بين قوله : " يصبح ويمسى , وكافراً ومؤمناً " , ولقد جاءت فى قوله : " يصبح الرجل " على سبيل الاستئناف لبيان حال المشبه وهو قوله " فتناً " والتشبيه فى قوله : " فتناً كقطع الليل المظلم " , واجتماع التشبيه من البيان مع المقابلة من البديع مما زاد الحديث جمالاً وبهاءً .
ومن المقابلة : قوله صلى الله عليه وسلم : " التسبيح للرجال , والتصفيق للنساء " ([90] ) فجمع بالمقابلة بين حال الرجل والمرأة فى الصلاة إذا نابهما شئ من الصلاة بأن حدث حادث فى الصلاة أو أخطأ الإمام .
ومن المقابلة : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن أحب البلاد إلى الله المساجد , وأبغض البلاد إلى الأسواق " ([91] ) , والمقابلة هنا بين " أحب وأبغض , والمساجد والأسواق " , وقد مضى أن المقابلة تكون بالأضداد وبغير الأضداد .
ومن المقابلة : قوله صـلى الله عليه وسلم : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً , ولبكيتم كثيراً " ([92] ) , والمقابلة هنا بين " ضحكتم وبكيتم , وقليلاً وكثيراً "
وقد يجتمع فى الحديث الواحد طباق ومقابلة : كما فى قوله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك , فإن الصدق طمأنينة , والكذب ريبة " ([93] ) فالطباق هنا بين قوله " يريبك ولا يريبك " , وهو من طباق السلب , والمقابلة بين قوله " الصدق والكذب , وطمأنينة وريبة " , وهذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ([94] ) , وقوله صـلى الله عليه وسلم : " إن الأنصار كرشى وعيبتى , وإن الناس سـيكثرون ويقلون , فاقـبلوا من محـسنهم , وتجاوزوا عن مسيئهم " ([95] )
والطباق هنا بين " سيكثرون ويقلون " , والمقابلة بين سائر الحديث .
وهذا غيض من فيض مما يزخر به البيان النبوى من الأحاديث المشتملة على الطباق والمقابلة من فنون البديع المعنوى , وكلها جاءت فى مواضعها الدقـيقة لخدمة المعنى , وبعدت عن التكلف , فالمعنى هو الذى يطلبها لتوضيحه وبيانه وكماله , وهذا من أسرار جمالها .
وأذكر هنا بعض أحاديث المقابلة الأخرى تاركاً للقارئ أن يتأمل فى بلاغتها , وحسن موقعها فى البيان النبوى , وأسرار جمالها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت , والعاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأمانى " ([96] ) , وقال : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صـفوف النساء آخرها وشـرها أولها " ([97] ) , وقـال : " شر الطعام طعام الوليمة , يمنعها من يأتيها , ويدعى إليها من يأباها , ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " ([98] ) , وقال : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً , ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً " ([99] ) , وقال صلى الله عليه وسلم فى الأنصار : " لا يحبهم إلا مؤمن , ولا يبغضهم إلا منافق , من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " ([100] ) , وقال : " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة , وغلقت أبواب النار , وصفدت الشياطين " ([101] ) , وقال : " اذكروا محاسن موتاكم , وكفوا عن مساويهم " ([102] ) ,وقال :" إنما يغسل من بول الأنثى , وينضح من بول الذكر " ([103] ) وقال : " من تطهر فى بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة , والأخرى ترفع درجة " ([104] )
ويلاحظ من خلال الأحاديث التى سبق التطبيق عليها , والأحاديث التى ذكرتها على سبيل المثال لمن أراد التوسع يلاحظ اختلاف الموضوع فى كل حديث من هذه الأحاديث , ويستخلص من ذلك أن المطابقة والتقابل فى بيانه صلى الله عليه وسلم لم يتقيدا بموضوع معين بل إنهما يأتيان لتوضيح المعنى فى كل موضع وموضوع يتطلبهما .
والحديث عن دقة الألفاظ هنا حديث يطول , وأترك للقارئ أن يتأمل فى هذه الأمثلة وغيرها من البيان النبوى لأنتقل إلى الحديث عن فن آخر من فنون البديع اللفظى فى الحديث النبوى وهو فن " الجناس" .
الجناس ([105] ) : هذا الفن من فنون البديع اللفظى واسع متشعب المسائل , ونتيجة لذلك فإن وضع تعريف له يجمع شتاته من الصعوبة بمكان , ولقد اكتفى البلاغيون بوضع تصور أو ضابط لنوع من أنواعه مما أدى إلى كثرة هذه التعريفات مع ما فيها من قصور , ويفهم مـن كلام القدماء أن الجـناس عندهم : اتـحاد طرفيه وتشابههما فى الصورة والتلفظ مع اخـتلاف المعنى ([106] ) فاللفظ فيه واحد والمعنى مختلف , وينقسم إلى جناس تام , وغير تام .
وهذا الفن من فنون البديع اللفظى له أمثلة مشهورة فى الحديث النبوى ينـقلها اللاحق عن السابق , مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " الظلم ظلمات يوم القيامة " ([107] ) , وقوله : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ..." ([108] ) , وقوله : " غفار غفر الله لها , وأسلم سالمها الله , وعصية عصت الله ورسوله " ([109] ) , وقوله : " الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة ..." ([110] )

وهذه الأحاديث وغيرها مما يدور فى كتب البلاغة مثل : البديع لابن المعتز ت (296) و هو من أوائل من فطنوا إلى هذا الفن , ونقد الشعر لقدامة بن جعفر ت (327) , والصناعتين لأبى هلال العسكرى ت ( 395) , والعمدة لابن رشيق القيروانى ت ( 456) , وسـرالفصاحة لابن سنان الخفاجى ت ( 466) , وأسـرار الـبلاغة للإمام عبد القاهر الجرجانى ت ( 471) ,والمثل السـائر لابن الأثير ضياء الدين ت ( 637) والخطيـب الـقزوينى ت ( 739) ([111] )
وغيرهم إلى يومنا هذا ([112] )
ويضاف إلى هذه الأحاديث التى ذكرها البـلاغيون بعض الأحـاديث الأخرى التى يسـر الله لى الوقوف عليها فى كتب الحديث ,ولم أر أحداً من البلاغيين ذكرها أو أشار إليها فيما وقفت عليه من كتب البلاغة , وهى قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الماء من الماء " ([113] ) , والجناس هنا بين " الماء والماء " فالمـاء الأول : هوالغسول الذى يغتسل به . والماء الثانى : هو المنى . والمعنى : وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق , وقد صح أن هذا الحديث منسوخ , وما يعنينا هنا هو المجانسة بين اللفظين . والجناس هنا من الجناس التام المماثل بين اسمين : وهو ما كان ركناه من نوع واحد من أنواع الكلمة , وقد اتفق اللفظان فى أنواع الحروف , وعددها , وهيئتها , وترتيبها ([114] )

ومن الجناس غيرالتام : وهو ما اختلف فيه اللفظان فى واحد من الأمور الأربعة السابقة , وهى أنواع الحروف , وعددها , وهيئتها الحاصلة من الحركات والسكنات , وترتيبها .
فمن الأول وهو ما اختلف فيه اللفظان فى أنواع الحروف : ما رواه حـكيم بن حزام أنه قال لرسول الله صـلى الله عليه وسلم : أرأيـت أمــوراً كنــت أتحـنث بها فى الجـاهلية هـل لى فيـها مـن شئ ؟ فقال : " أسلمت على ما أسلفت من خير " ([115] )
والجناس هنا بين قوله : " أسلمت وأسلفت " , وهو من الجناس المضارع الذى اختلف فيه اللفظان فى أنواع الحروف , والاختلاف هنا بين حرفين متقاربين فى وسط الكلمتين , وهما "الميم " فى الأول , و " الفاء " فى الثانى , ولم يقع الاختلاف فى أكثر من حرف , وهذا مما اشترطه البلاغيون فى الجناس المضارع ([116] )
ومن الجناس الذى اختلف فيه اللفظان فى أعداد الحروف : قوله صلى الله عليه وسلم فى عمار رضى الله عنه : " ائذنوا له , مرحباً بالطيب المُطيب " ([117] )
والجناس هنا بين " الطيب والمطيب " , والزيادة هنا جاءت فى اللفظة الثانية حيث زيدت الميم فى أول اللفظ مع الاتفاق فى سائر الحروف , وهذا النوع من الجناس يسمى بالجناس الناقص , والزيادة فيه قد تكون فى أحد اللفظين بحرف واحد فى أول اللفظ أو فى الوسط أو فى الآخر , وقد تكون الزيادة فى أحد لفظيه بأكثر من حرف واحد فى الآخر , وربما يسمى النوع الأخير مذيلاً .
ومن الجناس غير التام الذى اختلف فيه اللفظان فى هيئات الحروف الحاصلة من الحركات والسكنات : قوله صلى الله عليه وسلم لجعفر رضى الله عنه : " أشبهت خَلقى وخُلقى " ([118] ) والجناس هنا بين " خَلقى " بفتح الخاء , و" خُلقى " بضمها , وهو من الجناس المحرف الذى اتفق ركناه أى لفظاه فى عدد الحروف , وترتيبها , واختلفا فى الحركات فقط سواء أكانا اسمين أو فعلين أو اسم وفعل أو غير ذلك , فالقصد هو اختلاف الحركات ([119] )

ومما تجدر الإشارة إليه أن الأحاديث المشتملة على الجناس فى بيانه صلى الله عليه وسلم معدودة ومحدودة , فالجناس مما يستملح فى الكلام إذا جاء على نهج الاعتدال , وبعد عن التكلف , وقد يكون الإكثار منه فى الكلام داعية إلتى التكلف , وذلك إذا حرص المتكلم على أن يتحرى التجنيس فى كلامه , فرب معنى زينه الجناس فى موضع وقبحه فى موضع آخر , وهذا ماأشار إليه الإمام عبد القاهر وغيره ([120] ) من البلاغيين ,يقول ابن سنا ن الخفاجى:" وهذا ( أى الجناس ) إنما يحسـن فى بعض المواضع إذا كان قلـيلاً غير متـكلف ولا مقـصوداً
فى نفسه " ([121] )

ويـقول الإمـام عبد القاهر : " أما التجنـيس فإنـك لا تستحسن تجانـس اللفـظين إلا إذا كان موقع معنييهما من العقل موقعاً حميداً , ولم يكن مرمى الجمع بينهما مرمى بعيداً, فقد تبين لنا أن ما يعطى التجنيس من الفضيلة أمر لم يتم إلا بنصرة المعنى , إذ لو كان باللفظ وحده لما كان فيه مستحسن , ولما وجد فيه إلا معيب مستهجن , ولذلك ذم الإكثار منه والولوع به وذلك أن المعانى لا تدين فى كل موضع لما يجذبها التجنيس إليه , إذ الألفاظ خـدم الـمعانى , والمصرفة فى حكـمها , وكانت المعانى هى المالكة سياستها المسـتحقة طاعتـها , فمن نصر اللفظ على المعنى كان كمن أزال الشئ عن جهته , وأحاله عن طبيعته , وذلك مظنة الاستكراه , وفيه فتح أبواب العيب والتعرض للشين ... " ([122] )
ويقول السبكى عن الجناس :" وهو حسن ما لم يكرر" ([123] )
وهذا ما جاء فى البيان النبوى ؛ لأن البيان النبوى إنما يسير على نهج الاعتدال , ويبعد كل البعد عن التكلف , فاستعمل البيان النبوى من فنون البديع المعنوى واللفظى ما يخدم المعنى والغرض , ويناسب السباق والسياق , ويزين الكلام , ويكون تابعاً للمعنى مع انتقاء الألفاظ . ومن هنا جاء البيان النبوى متميزاً بهذه الخصيصة " خصيصة البعد عن التكلف " كما رأينا فى فنون السجع , والتوازن , والطباق , والمقابلة , والجناس وغيرها . رأيناه يضع كل فن من هذه الفنون فى موضعه المناسب بميزان دقيق .
وحقاً ما قاله الجاحـظ عن بلاغته صـلى الله عليه وسلم : " ... فلم ينطـق إلا عن مـيراث حكمة , ولم يتكلم إلا بكلام قد حف بالعصمة , وشيد بالتأييد , ويسر بالتوفيق , وهو الكلام الذى ألقى الله عليه المحبة , وغشاه بالقبول , وجمع له بين المهابة و الحلاوة , وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام , ثم لم يسمع الناس بكلام قط هو أعم نفعاً , ولا أقصر لفظاً , ولا أعدل وزناً , ولا أجمل مذهباً , ولا أكرم مطلباً , ولا أحسن موقعاً , ولا أسهل مخرجاً , ولا أفصح معنى , ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم ... " ([124] ) . وأختم هنا بما ذكره بعض البلاغيين حول فائدة الجناس , يقول السبكى : " ولم أر من ذكر فائدته , وخطر لى أنها الميل إلى الإصغاء , فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلاً وإصغاءً إليها , ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد منه معنى آخر كان للنفس تشوف إليه " ([125] )
(1) ينظر البيان النبوى ص 247
(2) ينظر علم البديع أ. د. عبد العزيز عتيق ص 216 – ط دار النهضة العربية – ( 1405) (1985) م .
(1) ينظر خزانة الأدب 2/411, وعروس الأفراح 4/445
(2) ينظر سر الفصاحة ص 171
(3) ينظر الإيضاح 4/79,78
(4) ينظر المفتاح ص 203
(5) ينظر المثل السائر ص 114
(6) وقد يكون الاتفاق بين كل لفظة وما يقابلها فى الفقرتين فى الوزن والروى كما فى الترصيع , أو تتفق اللفظة الأخيرة من الفقرتين فى الوزن والروى كما فى المتوازى .
(1) ينظر سر الفصاحة ص 171
(2) ينظر أسرار البلاغة ص 11,10
(3) ينظر الكشاف 3/364
(1) ينظر المثل السائر ص 116- 118
(2) ينظر خزانة الأدب 2/413
(3) ينظر التبيان فى المعانى والبيان 2/523
(4) وفى هذا التعليل نظر لأنهم عندما جعلوا أحسن السجع ما تساوت قرائنه عللوا ذلك بأمرين : أولهما : لأنه شبيه بالشعر الذى تساوت فيه الأبيات . وثانيهما : أن السمع ألف الانتهاء إلى الغاية فى السجعة الأولى فإذا زيد عليها فى الثانية ثقل عليه الزائد إذ يكون عند الانتهاء إلى مقدار الأولى كمن توقع الظفر بمقصود من فهم المراد فلم يجده . ويراجع فى ذلك شروح التلخيص 4/449 , وهذا يتعارض ببديهة النظر مع ما عللوا به قصر الثانية عن الأولى , ويمكن حمل كلامهم على أن بين التعليلين فرقاً من حيث إن فى كل من الناقص والزائد خروجاً عما ألفه السمع وتعوده قياساً على القرينة السابقة طولاً أوقصراً . ويراجع فى تفصيل ذلك البديع من المعانى والألفاظ ص 139. فهذا العيب نسبى فإذا لم يخرج عن حد الاعتدال لم يعد عيباً , ولقد استشهد أبو هلال العسكرى على ذلك بما جاء فى الحديث النبوى من قوله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله من قال خيراً فغنم , أو سكت فسلم " حسنه الألبانى فى الصحيحة 2/51, 511ولقد جارى القلقشندى أبا هلال العسكرى فيما ذهب إليه , واستشهد من القرآن بقوله تعالى ( إذ يريكهم الله فى منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور . وإذ يريكموهم إذ التقيتم فى أعينكم قليلاً ويقللكم فى أعينهم ليقضى الله كان مفعولاً وإلى الله ترجع الأمور ) ( الأنفال : 44,43) فالأولى عشرون كلمة , والثانية تسع عشرة . الصناعتين ص 289
(1) ينظر تفصيل ذلك وأمثلته فى المثل السائر ص 151,150, وخزانة الأدب 2/412
(2) سبب ورود الحديث أنه اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصابها فى بطنها وهى حامل فقتلت ولدها الذى ببطنها , فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية ما فى بطنها غرة عـبد أو أمة , فقـال ولى المرأة : كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل . والحديث رواه البخارى من حديث أبى هريرة . كتاب الطب – باب الكهانة – ح (5550) 10/226, ورواه مسلم – باب دية الجنين – 11/175
(1) ينظر صحيح مسلم بشرح النووى 11/178
(2) ينظر فتح البارى 10/229, والبيان والتبيين للجاحظ 1/290,289
(3) ينظر المثل السائر ص 116, ويقول الطيبى : " إنما ضرب المثل بالكهان لأنهم يروجون أقاويلهم الباطلة بإسجاع يروق السامعين فيستميلون بها القلوب , ويستصغون إليها الأسماع . فأما إذا وضع السجع فى موضعه من الكلام فلا ذم فيه وكيف يذم وقد جاء فى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينظر شرح الطيبى على المشكاة 7/98, والتبيان 2/524
(4) ينظر كتاب الصناعتين ص 286
(5) ينظر البيان النبوى ص 256,254
(6) ينظر البيان النبوى ص 256,254
(1) ينظر سر الفصاحة ص 174
(2) ينظر المثل السائر ص 118,117
(3) ينظر الإتقان 2/97
(1) ينظر النكت فى إعجاز القرآن للرمانى ص 97 ضمن ثلاث رسائل – ط دار المعارف , وإعجاز القرآن للباقلانى ص 57 -65, وسر الفصاحة ص 172, والبرهان 1/45 – 58, والإتقان 2/96 – 98, وشروح التلخيص 4/452
(2) سماه الطيبى فى كتابه التبيان بــ" المتوازى " , وعرفه بأنه التـوافق فى الوزن دون الروى , ومــثل له بالآيـة المـذكورة وأدخل فيه المماثلة , ومثل له بالآية الثانية المذكورة , وقد جعله ضرباً من ضروب السجع . التبيان 2/522. ولقد أشار السبكى إلى أن من البلاغيين من عد الموازنة من ضروب السجع وجعلها أربعة أضرب , ومنهم من لم يعدها منه وهو الصحيح . عروس الأفراح 4/455. وعند علماء البديع السجع ثلاثة أضرب : المطرف , والمتوازى , والترصيع أو المرصع , الإيضاح 4/78 – 83 , وفى خزانة الأدب جعله أربعة أضرب , وأضاف إلى الثلاثة السابقة المشطر . خزانة الأدب 2/412,411
(3) ينظر الإيضاح 4/84
(4) إلا على رأى ابن الأثير فإنه يشترط فى السجع التساوى فى الوزن والتقفية , ويشترط فى الموازنة التساوى فى الوزن دون الحرف الأخير . شروح التلخيص 4/457,456
(5) ينظر حاشية الدسوقى على مختصر السعد 4/456
(1) ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك فرقاً بين السجع , والفاصلة , والقرينة , والفقرة . فالقرينة : قطعة من الكلام جعلت مزاوجة لأخرى . والفقرة : مثلها إن شرط مزاوجتها الأخرى وإلا كانت أعم سواء كانت مع تسجيع أو لا كما هو ظاهر كلامهم , وأما الفاصلة فهى الكلمة الأخيرة من القرينة التى هى الفقرة . وأما السجع فقد يطلق على نفس الفاصلة الموافقة لأخرى فى الحرف الأخير منها , ويطلق على توافق الفاصلتين فى الحرف الأخير . ينظر حاشية الدسوقى 4/445
(2) انظر المثل السائر ص 169
(3) انظر الصناعتين ص 288
(4) انظر الصناعتين ص 286
(5) أخرجه الترمذى من حديث صدىّ بن عجلان الباهلى . وقال الترمذى : حسن صحيح . نزهة المتقين 1/86
(6) أخرجه الترمذى من حديث عبد الله بن بسر الأسلمى . وقال الترمذى : حديث حسن . نزهة المتقين 1/112
(7) أخرجه أحمد والبخارى ومسلم من حديث البراء بن عازب . مشكاة المصابيح ح ( 4895) 9/159
(1) لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث يوم حنين.
(2) أخرجه الترمذى من حديث أبى هريرة . وقال الترمذى : حديث حسن. نزهة المتقين 1/423
(3) وهذا يؤكد ما ذكره أبو هلال العسكرى من أنه صلى الله عليه وسلم ربما غير الكلمة عن وجهها للموازنة بين الألفاظ وإتباع الكلمة أخواتها قصداً للتوازن وصحة التسجيع . وكل هذا يؤذن بفضيلة التسجيع على شرط البراءة من التكلف والخلو من التعسف ... , والحكيم العليم بالكلام يتكلم على قدر المقامات . ويراجع كلام أبى هلال العسكرى والأمثلة التى ساقها من البيان النبوى فى الصناعتين ص 287,286
(1) أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/443
(2) أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/481
(3) أخرجه البخارى والترمذى والدارمـى من حـديث عبد الله بن عمرو . وقـال الترمذى : حديـث حـسن . المشـكاة ح (1830) 4/60,59
(4) أخرجه مسلم من حديث عائشة . نزهة المتقين 1/468
(1) راجع كلام أبى هلال فى الصناعتين ص 288 (*) أخرجه مسلم من حديث عائشة . نزهة المتقين 1/456
(2) متفق عليه من حديث أنس . نزهة المتقين 1/457
(3) أخرجه مسلم من حديث شداد بن أوس . نزهة المتقين 1/458
(4) متفق عليه من حديث أبى هريرة . المشكاة ح ( 2298) 5/78
(1) متفق عليه من حديث عبد الله بن أبى أوفى . جامع الأصول 3/185, ونزهة المتقين 1/69
(2) متفق عليه من حديث ابن عباس واللفظ لمسلم . نزهة المتقين 1/89
(3) ينظر صحيح مسلم بشرح النووى 6/55,54
(1) متفق عليه من حديث البراء بن عازب . نزهة المتقين 1/93
(2) لأن هذا الدعاء مما يقال عند النوم . ينظر صحيح مسلم بشرح النووى 17/34
(3) ينظر شرح الطيبى على المشكاة 5/151
(4) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 2/214
(5) متفق عليه من حديث أبى موسى . مشكاة المصابيح ح ( 2482) .
(1) أخرجه مسلم من حديث ابن عمر . نزهة المتقين 2/240
(2) أخرجه مسلم من حديث عائشة . نزهة المتقين 1/468
(3) أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجة من حديث أبى هريرة . مشكاة المصابيح ح ( 2469) 5/212
(1) أخرجه أبو داود بإسناد صحيح من حديث معاذ . نزهة المتقين 2/211
(2) أخرجه مسلم من حديث سعد بن أبى وقاص . مشكاة المصابيح ح ( 5284) 9/399
(3) متفق عليه من حديث أبى بردة الأسلمى واللفظ لمسلم . مشكاة المصابيح ح ( 1726) 3/412 . ومعنى حلق : أى حلق شعره عند المصيبة . وصلق : هو الصوت الشديد يرفعه فى المصائب وعند الفجيعة بالموت . وخرق : أى شق ثوبه على المصيبة , وكان ذلك فى أغلب الأحوال من صنيع النساء . ينظر شرح الطيبى 3/413
(4) أخرجه مسلم من حديث ثوبان . مشكاة المصابيح ح ( 961) 2/453
(5) وقد سبق تعريفه عند البلاغيين وأمثلته , والفرق بينه وبين السجع فى التمهيد لهذا الفصل فليراجع
(6) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . المشكاة ح ( 282) , ونزهة المتقين 1/128
(1) أخرجه النسائى وابن خزيمة فى صحيحه من حديث عائشة بأسانيد صحيحة . نزهة المتقين 2/102
(2) أخرجه البخارى من حديث سعد بن أبى وقاص . نزهة المتقين 2/211
(3) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى من حديث ابن أبى أوفى . جامع الأصول 5/35
(4) الموسيقى : لفظ يونانى يطلق على فنون العزف على آلات الطرب , وتذكر وتؤنث , وعلم الموسيقى : هو علم يبحث فيه عن أصول النغم من حيث تأتلف وتتنافر , وأحوال الأزمنة المتخللة بينها ليعلم كيف يؤلف اللحن , وهذه اللفظة معربة . المعجم الوسيط ص 891. ولقد شاع استخدامها عند بعض المحدثين لما رأو أنها تعبر تعبيراً دقيقاً عن سمة من سمات الأسلوب فى الحديث النبوى , وهى سمة التعبير .
(1) ينظر البيان النبوى ص 250,249
(2) ينظر الحديث النبوى مصطلحه وبلاغته وكتبه ص 79,78
(3) متفق عليه من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/123
(1) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/211
(1) وقد مضى بيان اتفاق الفاصلتين فى القافية فى قوله : " عمله , ونسبه "
(2) أخرجه ابن ماجة وغيره من حديث سهل بن سعد بأسانيد حسنة . نزهة المتقين 1/356
(3) متفق عليه من حديث أنس . مشكاة المصابيح ح ( 1600) 3/339, و نزهة المتقين 1/428
(4) أخرجه مسلم من حديث عائشة . نزهة المتقين 2/213
(1) انظر الصناعتين ص 339, والعمدة 2/5
(2) ينظر العمدة 2/15
(3) أما عن الطباق فلا يكون إلا بالأضداد , ويكون بين ضدين على خلاف المقابلة . ينظر علم البديع أ. د. عبد العزيز عتيق ص 87,86
(4) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجة والنسائى من حديث أبى هريرة . المشكاة ح ( 1675) 3/390
(1) متفق عليه من حديث أبى هريرة . وأخرجه أبو داود والنسائى والدارمى . المشكاة ح ( 1843) 4/72
(2) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى من حديث عائشة , جامع الأصول 5/123, والمشكاة ح ( 2462) 5/208
(3) قال تعالى : ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) ( الأعراف : 99) , وقيل : " استعاذ من أن يصير معجباً بنفسه فى ترك القبائح , وسأله أن يرى ذلك من فضل الله " ينظر شرح الطيبى على المشكاة 5/208
(4) متفق عليه من حديث حكيم بن حزام . نزهة المتقين 1/74
(1) متفق عليه من حديث ابن مسعود . نزهة المتقين 1/68 . والأثرة : الانفراد بالشئ عما له فيه حق .
(2) أخرجه الترمذى من حديث عمر . وقال : حديث حسن . نزهة المتقين 1/92
(3) أخرجه أحمد ومسلم والترمذى من حديث أبى هريرة . المشكاة ح ( 5383) 10/54,53
(1) متفق عليه من حديث سهل بن سعد . جامع الأصول 6/328
(2) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . جامع الأصول 1/374
(3) أخرجه البخارى والترمذى من حديث أبى هريرة . جامع الأصول 4/419
(4) أخرجه الترمذى من حديث الحسن بن على , وقال الترمذى : حسن صحيح . نزهة المتقين 1/71
(5) يراجع شرحه وتفصيله فى جامع العلوم والحكم لابن رجب.
(6) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى من حديث أنس . جامع الأصول 10/107
(1) أخرجه الترمذى من حديث شداد بن أوس . وقال : حديث حسن . نزهة المتقين 1/82
(2) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى من حديث أبى هريرة . جامع الأصول 6/392, والمشكاة ح ( 1092)
(3) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/227
(4) متفق عليه من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 1/243
(5) متفق عليه من حديث البراء بن عازب . نزهة المتقين 1/294
(6) متفق عليه من حديث أبى هريرة . نزهة المتقين 2/116
(7) أخرجه أبو داود والترمذى من حديث ابن عمر . المشكاة ح ( 1678) 3/391
(8) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث لبابة بنت الحارث . المشكاة ح ( 501) 2/136
(9) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة . جامع الأصول 10/255
(1) من العلماء من يسمى هذا الفن من فنون البديع اللفظى تجنيساً , ومنهم من يسميه مجانساً , ومن يسميه جناساً , أسماء مختلفة والمسمى واحد ؛ وسبب هذه التسمية راجع إلى أن حروف ألفاظه يكون تركيبها من جنس واحد . والجنس : أصل كل شئ تتفرع منه أنواعه وتعود كلها إليه كالإنسان : وهو جنس وأنواعه : عربى , ورومى , وزنجى . ينظر العمدة 1/33, والمثل السائر ص 153
(2) انظر الصناعتين ص 353, والعمدة 1/321, وسر الفصاحة ص 193, والمثل السائر ص 153, وانظر لبعض العصريين الفنون البديعية فى دائرة البحث البلاغى ص 190 أ.د. فوزى السيد , البديع المصطلح والقيمة ص 115- 129 أ.د. عبد الواحد علام , والبديع من المعانى والألفاظ ص 102 أ.د. عبد العظيم المطعنى, وعلم البديع ص 196,195 أ.د. عبد العزيز عتيق .
(3) متفق عليه من حديث ابن عمر . المشكاة ح ( 5123) 9/301
(4) متفق عليه من حديث ابن عمر .المشكاة ح ( 6) 1/111
(5) متفق عليه من حديث ابن عمر . المشكاة ح ( 5984) 11/197
(6) أخرجه مسلم من حديث جرير بن عبد الله . المشكاة ح ( 3867) 7/379
(7) انظر على الترتيب البديع ص 25, ونقدالشعر ص 162, والصناعتين ص 356,355, والعمدة 1/321, وأسرار البلاغة ص 9, والمثل السائر ص 156,153, والإيضاح 4/71-73
(1) ومن الأحاديث التى ذكروها أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم حسنت خلقى فأحسن خلقى " أخرجه أحمد من حديث عائشة و هو فى المشكاة ح ( 5099) , و قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم استر عوراتى وآمن روعاتى..." أخرجه أحمد والبخارى فى الأدب المفرد وأبو داود والنسائى وابن ماجة من حديث ابن عمر . المشكاة ح ( 2397)
(2) أخرجه مسلم من حديث أبى سعيد . المشكاة ح ( 431) 2/92
(3) وهذا هو تعريف الجناس التام . ومن أمثلة هذا النوع من الجناس فى القرآن : قوله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ...) ( الروم : 55) فالساعة الأولى : يوم القيامة . والساعة الثانية : مطلق الوقت أو اللحظة القصيرة من الزمن . وليس لهذا النوع (وهو الجناس الاسمى) شـواهد أخرى فى القـرآن ســوى هذه الآية كما يـرى ابن الأثير . وذكر السيوطى أن شيخ الإسلام ابن حجر استنبط موضعاً آخر منه فى القرآن وهو قوله تعالى : (... يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار * يقلب الله الليل والنهار إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار ) ( النور : 44,43) فالأبصار الأولى : بمعنى البصر . والأبصار الثانية : بمعنى البصائر . وعلى هذا فالجناس بينهما تام مماثل . راجع المثل السائر ص 153, والإيضاح 4/ 66 والإتقان 2/91
(4) متفق عليه من حديث حكيم بن حزام . أخرجه البخارى – كتاب وجوب الزكاة – باب من تصدق فى الشرك ثم أسلم – ح (1404) 3/354, ولفظه عند البخارى : قلت يارسول الله أرأيت أشياء كنت أتحنث بها فى الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم , فهل فيها من أجر؟ فقال النبى : " أسلمت على ما سلف من خير " وأخرجه مسلم فى باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم 2/141,140. وموضع الشاهد فى رواية مسلم المذكورة فى أعلى الصفحة . والحديث فى اللؤلؤ والمرجان ح (77) 1/24
(1) ينظر الإيضاح 4/71
(2) أخرجه الترمذى من حديث على . وقال الترمذى : حسن صحيح . المشكاة ح ( 6235) 11/350. والحديث فى إسناده هانئ بن هانئ . قال المدينى : مجهول , وقال الشافعى : لا يعرف .
(3) متفق عليه من حديث البراء بن عازب . المشكاة ح ( 3377) 6/436
(4) ومن أمـثلة هـذا النوع من الـقرآن : قـوله تعـالى : ( ولـقد أرسـلنا فيـهم منذرين * فانـظر كيـف كان عاقـبة المـنذرين ) (الصافات : 73,72) فاللفظة الأولى " المنذرين " هم الفاعلون للإنذار وهم الرسل . واللفظة الثانية : المفعولون وهم الذين وقع عليهم الإنذار .
(1) وروى عن بعضهم أنه قال : " سمعت بعض أهل الأدب يقول : إن القليل من التجنيس يحسن الكلام , والإكثار منه يسلب الكلام بهجته . قال : ومثله مثل الخال فى الحسناء فى أنه يزيدها حسناً , فإن كثرت الخيلان حتى تستوفى جسدها كستها الوحشة وسلبتها البهجة . فكذلك الاستكثار من الجمع بين الحروف المتجانسة يوجب التنافر , فأما إذا وقع ذلك لمعاً فى الكلام فإنه يزيده حسناً وبهجة " ينظر الرسالة العسجدية فى المعانى المؤيدية ص 136 للعباس بن على بن أبى عمر الصنعانى من علماء القرن السادس الهجرى – ط الدار العربية للكتاب – ليبيا – تونس – ( 1396) هـ (1976) م .
(2) ينظر سر الفصاحة ص 193
(3) ينظر أسرار البلاغة ص 5
(4) ينظر عروس الأفراح 4/412 , وأسرار البلاغة ص 5

(1) ينظر البيان والتبيين 2/18,17
(2) ينظر عروس الأفراح 4/413,412, وأسرار البلاغة ص 5

هناك تعليقان (2):

  1. شكر الله لكم جهدكمم، وقد أفدت منكم في محاضراتي مع طلابي، وطالباتي

    ردحذف
  2. بارك الله ونفهم بعلمه

    ردحذف