الأربعاء، 8 أبريل 2009

الفصل الثانى : التفسير النبوى للقرآن
تطرقت فى الفصل السابق للحديث عن أثر القرآن فى بلاغته صلى الله عليه وسلم , وهنا أشير إلى التفسير النبوى للقرآن الكريم , ومن خلال هذا الفصل سيتضح لنا مدى تأثير القرآن فى بلاغة النبى صلى الله عليه وسلم , كما سيتضح لنا أن البيان النبوى إنما هو قبس من نور القرآن وهديه لأن النـبى صلى الله عليه وسلم مـبين ومفــصل لمــا أجمـل فـى القرأن ([1] ) وسنلمح دقة البيان النبوى فى توجيه المعنى فى الآيات موضع التفسير , كما سنلمح دقته فى اختيار الألفاظ التى تعبر تعبيراً دقيقاً عن المعنى الذى يقصده القرآن , وسأتناول فى هذا الفصل بعض هذه المواضع لا كلها لأنها تحتاج إلى دراسة مستقلة , وهنا أكتفى بالخطوط العريضة , والإشارات السريعة مع التعليق على ما يستحق التعليق .
ولكن لابد من ذكر بعض الضوابط فيما يتعلق بالتفـسير للقرآن , وذلك قـبل ذكر الأمثلة وأبدأ بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية عن أصح الطرق لتفسير القرآن , يقول : " إن أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن , فما أجمل فى مكان فإنه قد فـسر فى موضع آخر . فإن أعياك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له . بل قال الإمام الشافعى : كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن . قال تعالى : ( إنا أنزلنا إلـيك الكـتاب بالـحق لتـحكم بـين النـاس بمـا أراك الله ولا تكــن للخائنـين خــصـيماً ) ( النساء : 105) وقال تعالى : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) ( النحل : 64) ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إنى أوتيت الكتاب ومثله معه " ([2] ) يعنى السنة . والسنة تنزل عليه بالوحى كما ينزل القرآن , إلا أنها لا تتلى كما يتلـى القرآن (ولهذا تـسمى بالوحى غير المتلو ) , وقد استدل الإمام
الشــافعى وغيره من الأئـمة على ذلك بأدلة كثيرة" ([3] ) , ولكن مما تجدر الإشارة إليه أنه يجب الحذر لأن فيه ( أى فى الأحاديث المروية فى التفسير النبوى ) من الضعيف والموضوع الكثير كما قال صاحب البرهان ([4] ) وقد قال السيوطى فى الإتقان : " الذى صـح من ذلك قليل جداً , بل أصـل المـرفوع منه فى غايـة القـلة , وسأسردها كلها فى آخر الكتاب إن شاء الله " ([5] ) وقد سردها بالفعل كلها فى آخر الكتاب بما فيها من مقبول , ومردود , ومتصل , ومنقطع ([6] ) , وقد ذكر ابن القيم فى " الإعلام " وهو بصدد الحديث عن أنواع البيان من النبى صلى الله عليه وسلم جملة من التفسير النبوى المقبول ([7] ) , وقد تعرض ابن الوزير لهذا الموضوع فى كتابه " إيثار الحق على الخلق " فقال : " النوع الثالث : التفسير النبوى , وهو مقبول بالنص والإجماع . قال تعالى : (... وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ...) ( الحشر : 7) , وقال تعالى : ( ... لتبين للناس ما نزل إليهم ...) ( النحل : 44) ([8] ) وبعد هذه التوطئة المهمة لما نحن بصدده من بيان التفسير النبوى للقرآن فمما تجدر الإشارة إليه أن الأحاديث التى سأستشهد بها فى هذا الموضوع من الأحاديث الصحيحة مع البعد عما نزل عن درجة الصحة ؛ وذلك لأننا هنا بصدد الحديث عن القرآن والحديث معاً , ولقد راجعت كتاب التفسير فى صحيح البخارى مع شرحه فتح البارى ([9] ) فكان كتاب التفسير فيه ستمائة وثلاثين صفحة فى المجلد الثامن فى الطبعة التى اعتمدت عليها , وقد رتبه – رحمه الله – على سور القرآن الكريم . أما باب التفسير فى صحيح مسلم بشرح النووى فصغير جداً لا يتجاوز سبع عشرة صفحة فى آخر المجلد التاسع والأخير فى الطبعة التى اعتمـدت عليها , ولكن مما تجدر الإشارة إليه أن الإمام مسلماًْ قد ذكر بعض أحاديث التفسير النبوى الأخرى فى أبـواب مخـتلفة من صـحيحه . ومعلوم أن منهج مسلم فى التبويب والترجمة للأبواب يختلف عن منهج الإمام البـخارى , ولكن مـنـهج البـخارى أدق , فتراجمه للصحيح حيرت الأفكار بما فيها من الدقة , والفقه , وحسن الترتيب , وقد بين ذلك الحافظ ابن حجر فى هدى السارى مقدمة فتح البارى ([10] )
فالإمام مسلم له أحاديث فى التفسير النـبوى فى أبواب مخـتلفة من صحيحه ( [11] ) لكن مما تجدر الإشارة إليه أن كثيراً من الأحاديث التى ذكرها البخارى هى آثار عن الصحابة فى تأويل بعض آيات القرآن , وبيان لأسباب النزول كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها , وابن عباس , وابن مــسعود , وغيرهم من الصـحابة رضى الله عنهم , وكلام الصحابة حول أسباب النزول أمر حصل لهم بالقرائن , وربما لم يجزم بعضهم فقال : أحسـب هذه الآية نزلـت فى كذا ([12] ) قال الحاكم فى علوم الحديث : " إذا أخبر الصحابى الذى شهد نزول الوحى والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت فى كذا فإنه حديث مسند . ومشى على هذا ابن الصلاح وغيره " ([13] ) وقـال ابـن تيميـة : " قولهم : نزلت الآية فى كذا يراد به تارة سبـب النزول , ويراد به تارة أن ذلك داخـل فى الآية , وإن لم يكن السـبب كما تقول : عنى بهذه الآية كذا " ([14] )
وقال الزركشى : " قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحـدهم إذا قال : نزلت هذه الآيـة فـى كـذا فإنـه يريد أنـــها تتضــمن هـذا الحــكم لا أن هــذا كـان الســـبب فــــى نزولها
فهومن جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع " ([15] ) . وبحثنا هنا يرمى إلى التفسير النبوى الذى صدر من النبى صلى الله عليه وسلم قولاً صريحاً فى الآية لبيان معناها أو ما يدخل فى معناها ([16] ) , وقد أحصيت عدد هذه الأحاديث فى( صحيح البخارى ) ([17] ) فوجدتها ستين حديثاً أو ما يقرب من ذلك , ولا تتجاوزهذا العدد , وهذا يؤكد ما ذكره السيوطى وغيره من أن الذى صح من التفسير النبوى للقرآن قليل جداً , ومن ذلك ما أحصيته فى صحيح البخارى ([18] ) , أما عن مسلم فيتفق مع البخارى فى بعض أحاديث التفسير النبوى لكنه لم يجمعها فى كتاب التفسير من صحيحه كما فعل البخارى ولكن فرقها فى أبواب مختلفة من صحيحه نظراً لاختلاف منهج التبويب والترجمة عنده كما سبق , وكتاب التفسير فى صحيحه لا يتجاوز السبع عشرة صفحة كما سبق . ويبدو أن قلة التفسير النبوى لحكمة أرادها الله عز وجل , وهى أن يظل القرآن الكريم كتاباً مفتوحاً مـع الزمن . وعن ذلك يـقول الرافـعى : " قد ثبت أن رسول الله قد قبض ولم يفسر من القـرآن إلا قليلاً جداً , وهذا وحده يجعل كل منصف يقول : أشهد أن محمداً رسول الله ؛ إذ لو كان صلى الله عليه وسلم فسر للعرب بما يحتمله زمنهم , وتطيقه أفهامهم لجمد القرآن جموداً تهدمه عليه الأزمنة , والعصور بآلاتها ووسائلها , فإن كلام الرسول نص قاطع , ولكنه ترك تاريخ الإنسانية يفسر كتاب الإنسانية , فتأمل حكمة ذلك السكوت فهى إعجاز لا يكابر فيه إلا من قلع مخه من رأسه "([19] )
وكلام الرافعى غنى عن التعـقيب غير أن مما تجدر الإشارة إليه أن التفـسير النبوى – على قلته – لا يقتصر على تفــسير آيات فى موضـوع واحـد , بل نراه متنـــوع فى موضــوعات
مختلفة , ففى بعض المواضع نراه يفسر آية ليبين فضل سورة من سور القرآن , وفى موضع آخر يفسر آية تتصل بالقصص القرآنى ليبين موقفاً من مواقف بنى إسرائيل أجمله القرآن , وفى موضع آخر يفسر آية تتصل بمشهد من مشاهد يوم القيامة , أو آية تتــصل بحيـاة البرزخ , أو النعيم فى الجنة , أو العذاب فى النار , أوتتصل بالصلاة أوالزكاة والإنفاق فى سبيل الله , أوبالعقيدة وتوحيد الله عز وجل , أو بالأنبياء السابقين وأقوامهم , أوتتصل بالقضاء والقدر , أو غير ذلك , وهى أمور من أسس الدين وقواعده , وكأن هذا التفسير النبوى إنما وجه إلى وجهة محددة فى موضوعات معينة لتفسير آيات محددة تمس الحاجة إلى بيانها لأنها تتصل بالعقيدة , أوبالعبادات , أو بالأخلاق , أو غير ذلك . ومن يراجع التفسير النبوى فى الصحيحين وغيرهما من كتب السنن يلاحظ هذه النتيجة بشكل واضح .

أما فيما يتعلق بالأسلوب النبوى فى التفسير, فيلاحظ أن خصيصة الإيجاز بارزة فيه فى كل المواضع , وكأنه صلى الله عليه وسلم آثر التفسير بكلمات محددة معدودة حتى يسهل على المسلمين فهمها وحفظها ؛ وذلك مراعاة منه لمقتضى حال المخاطبين , كما يلاحظ التركيز فى العبارة النبوية فى هذه الناحية , ومن ذلك ما رواه سعيد بن المعلى رضى الله عنه قال : كنت أصلى فى المسجد فدعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه , فقلت : يا رسول الله كنت أصلى , فقال : " ألم يقل الله ( ... استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم ...) ( الأنفال : 24) ثم قال : " لأعلمنك سورة هى أعظم السور فى القرآن قبل أن تخرج من المسجد ", ثم أخذ بيدى , فلما أن أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هى أعظم سورة فى القرآن , قال : " ( الحمد لله رب العالمين ) هى السبع المثانى , والقرآن العظيم الذى أوتيته "([20] )
فالنبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث أراد أن يبين أن ثواب فاتحة الكتاب أعظم من غيرها , وفسر قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعاً من المثانى والقرآن العظيم ) ( الحجر: 87) بأن السبع المثانى هى فاتحة الكتاب لأن آياتها سبع آيات , وقوله " والقرآن العظيم " دليل على أن الفاتحة هى القرآن العظيم , وأن الواو ليست بالعاطفة التى تفصل بين الشيئين وإنما هى التى تجئ بمعنى التفصيل كمـا فى قولـه تعـالى : ( فيهما فاكهة ونــخل ورمان ) ( الرحمن : 68) , ولقد امتن الله على رسوله بها , وبين النبى صلى الله عليه وسلم أنها السبع المثانى ([21] )
وهذا الحديث فيه من البلاغة والإيجاز ما فيه , فلقد خص الفاتحة بهذه المنزلة لأنها من المثانى على معنى اشتمالها على أسماء الله الحسنى وصفاته العلى , وجمعت بين العبادة وطلب الاستقامة , والحديث عن الآخرة ... , فجمعت من أصول الدين ما أهلها لأن تكون أم القرآن كما جاء فى أسمائها .
ويرى الطيبى " أن هذه المنزلة لأنها أبداً تدعو بوصفها المعجز, وغرابة اللفظ , وغزارة المعنى إلى الثناء عليها , ثم من يتعلمها ويعمل بها . ولقد ذكرها هاهنا بوصفين " السبع المثانى والقرآن العظيم " , وليس هذا من عطف الشئ على نفسه فهو غير جائز , وإنما هو من باب ذكر الشئ بوصفين : أحدهما : معطوف على الآخر , والتقدير: إتيان ما يقال له السبع المثانى والقرآن العظيم : أى الجامع لهذين النعتين , والسبع المثانى بيان لعدد آياتها , وأما عطف القرآن على السبع المثانى فمن باب عطف العام على الخاص تنزيلاً للتغاير فى الوصف منزلة التغاير فى الذات , وإليه أومأ صلوات الله عليه بقوله : " ألا أعلمك أعظم سورة فى القرآن " حيث نكر السورة وأفردها ليدل على أنك إذا تقصيت سورة سورة فى القرآن وجدتها أعظم منها " ([22] )
فما أروع البـيان النبوى فى دقـته , وتركيـز عبـارته , وإيجازه . إن التفسير النبوى للقرآن ليس مجرد بيان للمعنى الحرفى للكلمة أو الآية , بل هو بيان نبوى للبيان القرآنى , وإن شئت قلت : بيان المعجز بالمبدع . ولقد لاحظنا الإيجاز ودقة العبارة وما تحمله من معانى فى قوله صلى الله عليه وسلم :" الحمد لله رب العالمين هى السبع المثانى , والقرآن العظيم الذى أوتيته "وقد اتضح لنا لم خصت الفاتحة بهذه المنزلة .
وإلى مثال آخر لموضوع آخر ([23] ) وهو موقف من مواقف بنى إسرائيل من سجـلهم الحافل
بالقتل والخيانة , والتحريف والتبديل , فلقد روى أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قيل لبنى إسرائيل ( ... ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة ...) (البقرة: 58) فدخلوا يزحفون على أستاهم فبدّلوا , وقالوا : حبة فى شعرة " ([24] )
إن الله أمرهم أن يدخلوا من باب بيت المقدس , وأمرهم بالسـجود عند الباب شكراً وتواضعاً لله , وأن يسألوه المغفرة , فـ " حطة " فعلة من الحط كالجلسة والركبة , وهى خبر لمبتدأ محذوف : أى مسألتنا حطة , أو أمرك حطة , والأصل : النـصب بمعـنى حط عنا ذنوبـنا حطة , وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات " ([25] ) فبدّل يهود فى الأقوال والأفعال, فلقد أمرهم الله أن يدخلوا من الباب سجداً فدخلوا يزحفون على أستاهم , وأمرهم أن يسألوه أن يحط عنهم ذنوبهم فبدلوا القول بحبة فى شعرة على سبيل الاستهزاء . وكأن الحبيب صلى الله عليه وسلم بإشارته الموجزة إلى مخالفة بنى إسرائيل لأمر الله بالقول والفعل أراد أن يبين أن التبديل والتحريف دأبهم وديدنهم , وأن العصيان ومخالفة أمر الله طبعهم وخلقهم , فلا عجب أن يحرفوا التوراة جحوداً وإنكاراً لنبوة النبى صلى الله عليه وسلم , ولا عجب أن يكتبوا الكتاب بأيديهم ليشتروا به ثمناً قليلاً , ويحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون , ولا عجب فى مخالفتهم أمر الله , فهم قتلة الأنبياء , ومبدلوا تعاليم السماء , وهذا ما أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يلفت الأنظار إليه من حال اليهود فى التحريف والتبديل , والعصيان لأمر الله , وذلك من خلال تفسيره لهذه الآية الكريمة بعبارته الموجزة " دخلوا يزحفون على أستاهم فبدلوا , وقالوا :" حبة فى شعرة " . وفى موضوع آخر , وهو وسطية الأمة وشهادتها على الأمم يقول صلى الله عليه وسلم : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب , فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير , فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته , فتشهدون أنه قد بلغ , ويكون الرسول عليكم شهيداًً , فذلك قوله : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدً ) (البقرة : 143) ([26] ) أراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يبين أن أمته هى الأمة الوسط التى تشهد للأنبياء يوم القيامة , ولقد فسر الآية من خلال وصف مشهد من مشاهد يوم القيامة يخص نوحاً عليه السلام أول الرسل إلى الأرض , وكأن النبى يريد أن يقول : إن شهادة هذه الأمة بالتبليغ تبدأ مع رسالات السماء إلى الأرض , وتشمل كل الرسل ([27] ) , فهم الآخرون السابقون وفى ذلك أيضاً بيان لتبليغه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الأمة إنما عرفت ذلك من الوحى , ولقد زاد أبو معاوية : " فيقال : وما علمكم ؟ فيقولون : أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا " وهنا إشارة إلى مدح هذه الأمة حيث إن الرسول سيكون عليهم شهيداً , والكلام وارد فى مدح الأمة , فالغرض هنا أن يزكيهم فضمن " شهد " معنى " رقيب" لأن العدول تحتاج إلى رقيب يحفظ أحوالهم ليطلع عليها ظاهراً وباطناً فيزكيهم , ولما كانوا هم العدول من بين سائر الأمم خصهم الله تعالى بكون الرسول عليهم شهيداً , أى رقيباً ومزكياً وهذا لا يدل على أنه لا يشهد على سائر الأمم مع أن مزكى الشاهد أيضاً شاهد ([28] ) وفى قضية تلتبس على كثير من الناس , ويستغلها بعض أعداء الدين , والجاهلون بطبيعة اللغة والوحى وطبيعة القرآن وهى قضية المحكم والمتشابه أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يحذر من مسلك هؤلاء الذين يتبعون المتشابهات إما لجهل بالدين أو غرض سئ دفين فى نفوسهم , فقرر ذلك من خلال تفسير قوله تعالى : ( هوالذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب ) (ال عمران : 7) تقول عائشة : قال رسول الله بعد أن تلا هذه الآية :" فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " (4)
وهناك رواية أخرى للحديث عند مسلم ([29] ) , وهنا يحذر النبى صلى الله عليه وسلم من صنيع هؤلاء ومسلكهم بعبارة موجزة مركزة أحال فيها على القرآن حين قال : " فأولئك الذين سمى الله " , وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما ذكر ابن إسـحاق فى تأويلهم للـحروف المقطعة , وأن عددها بالجمل مقدار مدة هذه الأمة , وأول ما ظـهر فى الإسلام مـن الخــوارج , فالحديث من معجزات النبوة فوق أنه تفسير لمعنى الآية ؛ حيث ظهرت هذه النابتة فيما بعد حتى يومنا هذا . " والمتشابه : ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة , وخروج الدجال , والحروف المقطعة فى أوائل السور" ([30] )
وتفسير النبى صلى الله عليه وسلم للآية موجه إلى صنف معين من الناس فى قلوبهم زيغ , وهم أهل البدع الذين يطلبون الفتنة والضلال للناس فى دينهم , ويرومون تأويل القرآن بما تشتهيه أنفسهم بعيداً عن هدى كتاب الله , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ([31] )
وفيما يتعلق بإخراج الزكاة والإنفاق فى سبيل الله أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يحذر من منع الزكاة , ويبين جزاء من بخل بالمال , ولم يعط للسائل والمحروم حقه المعلوم , فقال صلى الله عليه وسلم : " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعاً أقرعاً له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه – يعنى بشدقيه – يقول : أنا مالك , أنا كنزك , ثم تلا هذه الآية ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير ) ( ال عمران : 180) ([32] )
وهنا التفسير النبوى بيان زاجر ورهيب وتفصيل لما أجمل فى الآية , فالآية بينت أن الباخلين بما آتاهم الله من فضله سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة , ولكن لم تبين كيفية هذا التطويق , فجاء البــيان النبــوى بتــصويره الدقيق المــعبر ليوضـح أن هذا المـــال سيـــمثل فـــى صورة حية ذكر , أو فى صورة حية مطلقاً , وعبر عنها هنا بالشجاع ولم يقل حية لأجل مناسبة الصورة المرعبة الزاجرة , و ليس أى شجاع , بل هو أقرع لا شعر على رأسه لشدة غضبة و كثرة سمه , و طول عمره ,هل يقف الأمر عند هذا الحد في وصفة ؟ لا إن له زبيبتين أى نكتتين سوداوين فوق عينيه وهو أوحش ما يكون من الحيات و أخبثها ([33] )
إنه يكفى أن يرى المرء هذا المنظر المخيف , فكيف إذا أقبل عليه هذا الشجاع الأقرع ليجعل طوقاً فى عنقه , ويأخذ بلهزمتيه : أى بلحييه وما يتصل بهما من الحنك ؟! ولكن أيقف الأمر عند هذا الحد ؟ لا , بل يكثر همه قائلاً : " أنا مالك أنا كنزك " وهو تهكم , وشر أتاه من حيث كان يرجو الخير . فليتأمل المرء فى هذه اللوحة الوصـفية التصويرية الدقـيقة المكتملة الأجزاء , وما فيها من وعيد وزجر وتهديد وترهيب لهؤلاء الباخلين المانعين بما آتاهم الله من فضله , والذين كانوا يحسبون أن الشح بالمال والضن به على المحتاج هو خير لهم , فليتأملوا ولينظروا ماذا ينتظرهم !!
إن التفسير النبوى هنا جاء لآية فى موضوع الإنفاق فى سيبل الله , وهو من أهم الموضوعات لكثرة الباخلين والمانعين لحق الفقراء والمساكين , وكما هو معلوم أن الزكاة ركن ركين من أركان الدين بعد الشهادتين , وإقام الصلاة , فليتأمل المتأملون فى منهج التفسير النبوى , ووجهته فى اختيار الآيات موضوع التفسير .
وفى موضوع المعاد وبعث الأجساد :
وهو ما ينكره الملاحدة والزنادقة ومن لف لفهم حتى يومنا هذا ,وكذلك بيان منزلة إبراهيم عليه السلام , وبيان من يؤخذ بهم ذات الشمال من هذه الأمة يقول صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس إنكم مـحشورون إلى الله حفاة غرلاً ثم قال : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) ( الأنبياء : 104) ثم قال :" ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم , ألا وإنه يجاء برجال من أمتى فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب أصيحابى , فيقال : إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك , فأقول كما قال العبد الصالح (... وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم ... ) ( المائدة : 117) فيقال : إن هؤلاء
لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم " ([34] )
هذا الحديث ساقه البخارى فى التفسير لقوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام : ( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد ) وضم التفسير النبوى إلى تفسير هذه الآية تفسير آية أخرى تتصل بأمر عقدى , وهو الإيمان بالبعث بعد الموت مبيناً أن حقيقة البعث ليس مجرد إحياء الأجساد , بل تعود إلى سابق عهدها كاملة غير ناقصة على حالتها الأولى التى دخلت بها إلى الدنيا , وهذا بيان نبوى لقوله تعالى : ( كما بدأنا أول خلق نعيده ...) " والمعنى نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيهاً للإعادة بالإبداء فى تناول القـدرة لهما على الـسواء , فأول الخلق إيجاد من العدم , فكما أوجده أولاً عن عدم يعيده ثانياً عن عدم "([35] )
فضم فى طيات تفسير الآيتين ذكر مواقف مختلفة , ومشاهد متعددة . المشهد الأول : حشر الناس حفاة غرلاً ([36] ) كما بدأهم الله يعيدهم . والمشهد الثانى : أن إبراهيم عليه السلام أول من يكسى يوم القيامة , وفيه تشريف لإبراهيم عليه السلام وبيان لمكانته . المشهد الثالث : لرجال من أمة النبى صلى الله عليه وسلم يؤخذ بهم ذات الشمال لارتدادهم على أعقابهم بعد مفارقة النبى لهم , وفى طيات هذا المشهد نداء من النبى صلى الله عليه وسلم واستغاثة بالله فى شأن هؤلاء , وإقرار من النبى بشهادته عليهم ما دام فيهم كما قال عيسى عليه السلام . فمع الإيجاز فى التفسير النبوى نرى تصويراً دقيقاً كاشفاً عن مشاهد من يوم القيامة أجملتها الآية , وبينها التفسير النبوى .
وفى مقام بيان من ظلموا أنفسهم بالشرك , وعرضوا أنفسهم لسخط العزيز الجبار: يأتى التفسير النبوى ليبين أن الشرك بالله ظلم ([37] ) يودى بصاحبه فى أودية الهلاك , ويبين لهم أن إمهال هؤلاء , والمد فى أعمارهم إنما هو استدراج لهم : ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) (إبراهيم : 42 )
( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات بل لا يشعرون ) (المؤمنون : 56,55 ) ومن التفسير النبوى: قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يملى الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته , ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد ) ( هود : 102) ([38] ) فبين النبى صلى الله عليه وسلم أن الشرك ظلم لأن الحديث هنا عن القرى الظالمة التى كفرت بالله عز وجل وأهلكها الله , وأراد النبى أن يبين أن هذا الإهلاك يشمل الشخص الظالم كما يشمل المجموع , ويدل على أن المقصود بالظلم هنا الشرك قوله صلى الله عليه : " لم يفلته " ومعناه : لم يتفلت منه , ويجوز أن يكون بمعـنى لم يفلـته منه أحد : أى لم يخلصه , أى إذا أهلكه لم يرفع عنه الهلاك ([39] ) , ويملى : مشتق من الملوة وهى المدة والزمان بضم الميم وكسرها وفتحها . وهذا على تفسير الظلم بالشرك , وهذا التأويل يشهد له كلام النبى صلى الله عليه وسلم , والآية الكريمة لأنها جاءت للحديث عـن هـؤلاء الكافرين , " وهذا تحذير من وخامة عاقبة الظلم لكل أهل قرية ظالـمة من كفار مـكة وغيرها " ([40] ) بل فيها تحذير من كل ظلم سواء كان للنفس بالذنب , أو للغير من الناس بأخذ الحقوق بغير وجه حق , ووضع الأمور فى غير مواضعها .
وفى مقام بيان تثبيت الله للمؤمن فى القبر عند السؤال , وهو موقف جد خطير تتلعثم فيه الألسنة لهول المطلع , ورهبة المشهد يقول صلى الله عليه وسلم : " المسلم إذا سئل فى القبر تشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله فذلك قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ...) ( إبراهيم : 27) ([41] ) وفى رواية مسلم : " نزلت فى عذاب القبر , فيقال له من ربك فيقول ربى الله , ونبيى محمد صلى الله عليه وسلم , فذلك قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ...)
يبين النبى صلى الله عليه وسلم أن المؤمـن حين يسـأل فى قبره عن ربه فإنه يجيب بســرعة
دون تلعثم أو تردد , ودل على ذلك قوله " فذلك " ففيها إشارة إلى سـرعة الجواب , فلم يتحير , بل يجيب بديهاً بالشهادتين , وذلك دليل على ثباته عليه , واستقراره على كلمة التوحيد فى الدنيا , ورسوخها فى قلبه ؛ ولذلك أتى بلفظ الشهادة لأنها لا تصدر إلا عن صميم القلب , ومطابقة الظاهر للباطن .

وتثبيت الله للمؤمنين فى الدنيا بأنهم إذا فتنوا لم يزلوا عنها – وإن ألقوا فى النار – ولم يرتابوا بالشبهات , وتثبيتهم فى الآخرة أنهم إذا سئلوا فى القبر لم يتوقفوا فى الجواب , وإذا سئلوا فى الحشر وعند مواقف الإشهاد عن معتقدهم ودينهم لم يبهتوا " ([42] )

ويلاحظ أن النبى صلى الله عليه وسلم ركز على الشهادتين فى تفسير الآية , وفى بيان تثبيت الله للمؤمنين فى الدنيا والآخرة , ولم يشر إلى الأسئلة الأخرى فى القبر عن النـبى وعن الدين , وكأنه يريد أن يركز على الإيمان الذى هو أساس الاعتقاد , فإذا ثبت المؤمن فى الإيمان فى الدنيا والآخرة فكل الأعمال الأخرى تبع له ونتيجه له .


ويعرض البيان النبوى لمشهد من مشاهد القيامة يوم الحسرة إذ قضى الأمر , فيقول صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح , فينادى مناد يـا أهـل الجنـة , قال : فيشرئبون , وينظرون , فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت , كلهم قد رآه , ثم ينادى يا أهل النار , فيشرئبون وينظرون , فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه , فيذبح ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت , ويا أهل النار خلود فلا موت . ثم قرأ : ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة – وهؤلاء فى غفلة الدنيا – وهم لا يؤمنون ) ( مريم : 39) ([43] )
لقد بين النبى صلى الله عليه هذا اليوم بمشهد تصويرى دقيق حيث بين أن الموت يؤتى به يوم القيامة كهيئة كبش أملح ([44] ) وذلك ليشاهدوه بأعينهم فضلاً عن أن يدركوه ببصـائرهم .
والمعانى إذا ارتفعت عن مدارج الأفهام صيغت فى قوالب من عالم الحس حتى تتصور فى القلوب , وتستقر فى النفوس , وفى الآخرة تنكشف المعانى للناظرين إنكشاف الصور كما كان فى الدنيا .
إن الحسرة يومئذ للكافر على خلوده فى العذاب , وعلى غفلته فى الدنيا عن الإيمان والعمل الصالح , وهنا يزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم على خلودهم فى الجنة والنعيم , ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم على خلودهم فى النار والجحيم . وقد عبر عن قضاء الأمر هنا ببيان خلود أهل الجنة والنار فى النعيم والعذاب .
ويلاحظ كما سبق أن النبى صلى الله عليه وسلم آثر التمثيل والتصوير لهذا الموقف من مواقف يوم القيامة , وذلك فى سياق تفسيره للآية ؛ وذلك لأن الموت من المعانى المرتفعة فى مدارج الأفهام , فاحتاج إلى بيان ذلك بمثال تصويرى ليكشف عن سر الحسرة فى هذا اليوم , ولم سمى بهذا الاسم " ([45] )

وفى موضع آخر نرى التفسير النبوى يتعرض لبيان الفطرة التى فطر الله الناس عليها , ويوضح أن الناس هم الذين يغيرون هذه الفطرة ويفسدونها , ويظهر ذلك من خلال صورة بيانية تنبع من البيئة , فيقول صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء , هل تحسون فيها من جدعاء " ثم يقول : ( فطرت الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ...) ( الروم : 30) ([46] )
فقوله " ما من مولود " جاء بـ " من " الاستغراقية هنا لتفيد العموم , وكأنه يريد أن يقول ما من مولود يوجد على أمر من الأمور إلا على هذا الأمر , والمعنى هاهنا تمكن الإنسان من الهدى فى أصل الجبلة , والتهيؤ لقبول الدين , فلو ترك عليها لاستمر على لزومها لم يفارقها إلى غيرها ؛ لأن هذا الدين حسنه موجود فى النفوس ؛ وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد , ووضح صلى الله عليه وسلم هذا الانحراف عن الفطرة والخلقة بالتغيير فى خلقة البهيمة السليمة . فالبهيمة حين توضــع توضع جمــعاء لم يذهب من بدنها شئ , وسميت بذلك لاجتماع سلامة أعضائها , وهو أمر يراه الناس ويحسونه , ولكن بعض الناس يجدعون منها بقطع الأنف أو الأذن أو الكى لسبب من الأسباب ([47] ) , وكذلك هؤلاء الذين يهودون , وينصرون , ويمجسون , إنما يغيرون فطرة هؤلاء الأولاد ويفسدون عقيدتهم ونفوسهم صرفاً عن الفطرة كما يغير الناس فى البهيمة السليمة بتشويه صورتها وخلقها , والجامع بين هؤلاء جميعاً هو التغيير والتبديل لخلق الله , أى لدين الله وفطرة الإسلام .
وفى موضع آخر يفسر النبى صلى الله عليه وسلم معنى ( الحساب اليسير) فى قولــه تـعالى : (فأما من أوتى كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) (الانشقاق : 8,7)
فيقول صلى الله عليه وسلم : " ليس أحد يحاسب إلا هلك " قالت : قلت يا رسول الله : جعلنى الله فداك , أليس يقول الله عز وجل : ( فأما من أوتى كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) قال : " ذلك العرض يعرضون , ومن نوقش الحساب عذب "([48] )
ولقد جاء العرض مفسراً فى موضع آخر من القرآن بما يتفق مع ما ذكره النبى صلى الله عليه وسلم , وذلك حيث يقول تعالى : ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية * فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه ) ( الحاقة : 19,18) فقوله " فأما " تفصيل للعرض , والآيات التالية لما سبق فى سورة الحاقة توضح ذلك . " فالحساب اليسير" : أى السهل الهين الذى لا يناقش فيه , ولا يعترض بما يسؤه ويشق عليه كما يناقش أصحاب الشمال " ([49] ) فهناك عرض للاعتذار والاحتجاج والتوبيخ , وعرض تنشر فيه الكتب فيأخذ الفائز كتابه بيمينه , والهالك كتابه بشماله .
وفى موضع آخر نرى التفسير النبوى للقرآن يتعرض لبيان آيات تتصل بقصص الأنبياء السابقين , وذلك لأخذ العظة والعبرة ولبيان شئ أجمله القرآن فيما يتصل بهذا القصص
فلقد خطب النبى صلى الله عليه وسلم يوماً فذكر النــاقة , والذى عقرها من قـــوم صــالح
فقال صلى الله عليه وسلم : " ( إذ انبعث أشقاها ) ( الشمس : 12)انبعث لها رجل عزيز عارم منيع فى رهطه مثل أبى زمعة " الحديث ([50] ) فبين النبى صلى الله عليه وسلم أن الذى تصدر لعقر الناقة رجل عزيز : أى قليل المثل , وعارم : أى صعب على من يرومه شرير مفسد خبيث قوى شرس , ومنيع :أى قوى ذو منعة ورهط يمنعونه من الضيم ([51] ) , وبذلك فسر صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : ( إذ انبعث أشقاها ) .
وهذه بعض أحاديث التفسير النبوى للقرآن, وهناك غيرها من الأحاديث تركت تحليلها خشية التطويل , واكتفيت بالإشارة إلى أرقام بعضها فى صحيح البخارى لمن أراد التوسع فى البحث([52] ) ونظرة عامة على التفسير النبوى للقرآن يتضح لنا من خلالها أنه سلك مسلك الإيجاز فى بيان المقصود من الآيات كما فى تفسير السبع المثانى والقرآن العظيم , وتفسير قوله تعالى : ( ... منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ...) . كذلك اعتماده على الوصف والتصوير الكاشف لمشاهد من عالم الغيب أجملها القرآن الكريم مثل ما ذكره فى تفسير قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ...) , وقوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم ...) , وقوله تعالى : ( كما بدأنا أول خلق نعيده ...) , وقوله تعالى : ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون ) , وقوله تعالى : ( فطرة الله الـتى فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ...).ونلمح عناية التفسير النبوى بتفصيل بعض ما أجمل فى القصص القرآنى , أو توضيح المقصود منه كما فى قوله تعالى آمراً بنى إسرائيل : ( ...ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم ...) , وقوله تعالى : ( إذ انبعث أشقاها ).
ونظرة أخرى إلى التفسير النبوى للقرآن يتضح لنا من خلالها أنه – على قلته – متنوع فى موضوعات مخـتلفة , فبعضه تفسير لآيات تتصــــل بالإيمـــان بالله , وبعضـه تفسـير لآيـات تتصل بالغيبيات كما جاء فى تفسير قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ...) , وبعض الأحاديث تفسير لآيات تتصل بالزكاة , والصلاة , وبيان وسطية الأمة , أو بيان المحكم والمتشابه , أو بيان مغزى القصص القرآنى وتفسير بعض معانيه , أوبيان مواقف ومشاهد من يوم القيامة , أو الحديث عن الجنة ونعيمها , وبيان علامات الساعة , والحديث عن القضاء والقدر , وهذه من أبرز الموضوعات التى يدور فى فلكها التفسير النبوى للقرآن , وكثير من هذه الأحاديث لم أذكره هنا لأجل الإيجاز , فهذا الموضوع يحتاج إلى دراسة مستقلة تتناول التفسير النبوى للقرآن من الناحية الأسلوبية , ومن الناحية الموضوعية .
ويلاحظ أن الموضوعات التى سبقت الإشارة إليها من الأهمية بمكان فى الدين , ويحتاج المسلمون إلى معرفة معانى الآيات التى تتصل بها , وهو ما حرص عليه النبى صلى الله عليه وسلم لكونه مما تمس حاجة الناس إلى معرفته من دين الله , فهو من أصول الدين , وقواعد الإسلام , وترك صلى الله عليه وسلم تفسير الكثير من الآيات لأن القرآن الكريم كتاب الإنسانية مفتوح مع الزمن معجز للناس فى كل زمان ومكان , وقد سبق توضيح ذلك قبل تحليل الأحاديث الماضية ([53] )
وإذا كنا بصدد الحديث عن التفسير النبوى للقرآن فمما تجدر الإشارة إليه أن أبين الفرق بين أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الحديث النبوى , وهو موضوع الفصل التالى .
(1) وعن بيان السنة للقرآن يقول ابن القيم : " والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه : أحدها : أن تكون موافقة له من كل وجه فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها . الثانى : أن تكون بياناً لما أريد بالقرآن وتفسيراً له . الثالث : أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه , أو محرمة لما سكت عن تحريمه , ولا تخرج عن هذه الأقسام , فلا تعارض القرآن بوجه ما " إعلام الموقعين 2/263, وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ص 562 . هذا ولقد ذكر الشيخ سلمان العودة أن أنواع بيان السنة للقرآن على أربعة أضرب : الأول : بيان القرآن بالقول . الثانى : ما جاء فى السنة النبوية استنباطاً واستقراءً من القرآن الكريم . الثالث : بيان أسباب نزول القرآن الكريم . الرابع بيان القرآن بالفعل . ويراجع التفسير النبوى للقرآن ص 38-55 – إعداد المكتب العلمى بموقع الإسلام اليوم .
(2) رواه أحمد وأبو داود عن المقدام بن معد يكرب كما فى صحيح الجامع الصغير ح(2643) .
(1) ينظر مقدمة فى أصول التفسير ص 94,93
(2) ينظر البرهان 2/156للزركشى , ومقدمة فى أصول التفسير ص 58
(3) ينظر الإتقان 2/179 ط دار الفكر (1399)هـ (1979)م .
(4) ينظر السابق 2/191- 208
(5) ينظر إعلام الموقعين 2/268- 270(6) ينظر كيف نتعامل مع القرآن العظيم ص 224- 228 أ.د. يوسف القرضاوى – ط دار الشروق – ط رابعة (1425)هـ (2005)م .
(7) وذلك لأن الربط بين الحديث وشرحه من الأهمية بمكان .

(1) ولقد اتفق العلماء على أن البخارى أصح من مسلم , وأكثر فوائد , ومعارف ظاهرة وغامضة , كما صح أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخارى , ويعترف بأنه ليس له نظير فى علم الحديث . وهذا هو المذهب المختار الذى قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث . يراجع صحيح مسلم بشرح النووى1/14, والباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص 22 لابن كثير , وهدى السارى ص 497,494,17, وتدريب الراوى 1/72
(2) فمثلاً تفسير قوله تعالى : ( ... هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) ( هود : 18) نجده فى كتاب التوبة عند الإمام مسلم , وتفسير قوله تعالى : ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كــانوا يعمـلون ) (السجدة : 17) نجده فى كتاب صفة الجنة ونعيمها 18/167, وكذلك تفسير قوله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ...) (الأنفال : 60) نجده فى كتاب الرمى والحث عليه 1364 , وغير ذلك من أحاديث التفسير .
(3) ومن ذلك ما أخرجه الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال : خاصم الزبير رجلاً من الأنصار فى شراج الحرة , فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك , فقال الأنصارى : يا رسول الله أن كان ابن عمتك , فتلون وجهه ..." الحديث . قال الزبير : فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت فى ذلك , ويقصد بذلك قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) ( النساء : 65) ويراجع أسباب النزول للواحدى ص 122,121 – ط دار المعرفة – بيروت .
(4) ومثلوا له بما أخرجه مسلم عن جابر قال : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته فى دبرها فى قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ...) (البقرة : 223) هذا ويرى الإمام أحمد أنه لا يدخل فى المسند( المرفوع ) وكذا مسلم وغيره , وجعلوه مما يقال بالاستدلال والتأويل . يراجع البرهان 1/32
(5) ينظر مقدمة فى أصول التفسير ص 48
(1) يراجع البرهان 1/32
(2) وهو بيان القرآن بالقول من النبى صلى الله عليه وسلم , وليست هذه الأحاديث بكثيرة كما ذكر بعض الباحثين . ينظر التفسير النبوى للقرآن ص 39 للشيخ سلمان العودة . والكلام هنا فيما صح من أحاديث التفسير النبوى للقرآن . أما ما جاء عن الصحابة من التفسير , وفى أسباب النزول فقد صح منه الكثير . ويراجع كتب التفسير فى الكتب الستة .
(3) وهذا لا ينفى صحة الأحاديث الأخرى فى كتب السنن , فبعضها روايات أخرى لنفس الأحاديث الموجودة فى الصحيحين وبعضها غير موجود فى الصحيحين مع صحتها , ولكنى آثرت الاعتماد على الصحيحين وحدهما نظراً لأن البخارى ومسلماً مقدمان على غيرهما فى التصحيح كما هو معلوم , كذلك لدقة البخارى فى التبويب والترجمة من جهة أخرى , وهذا أمر معلوم عند أهل الشأن .
(4) يراجع فى ذلك مقدمة فى أصول التفسير ص 58, والبرهان 2/156, والإتقان 2/179
(5) يراجع إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ص 10

(1) أخرجه البخارى – كتاب تفسير القرآن – باب ما جاء فى فاتحة الكتاب – ح(4293) – فتح البارى 87,6
(1) اختلف العلماء فى سبب تسميتها بالمثانى , فقيل : لأنها تثنى فى كل ركعة : أى تعاد , وقـيل لأنها يثـنى بها على الله تـعالى , وقيل لأنها استثنيت لهذه الأمة لم تنزل على قبلها , ولقد أراد بها السورة , ولو أراد " الحمد لله رب العالمين " الآية لم يقل : " هى السبع المثانى " لأن الآية الواحدة لا يقال لها سبع , فدل على أنه أراد بها السورة , والحمد لله من أسمائها . وينظر فتح البارى 8/9,8
(2) يراجع شرح الطيبى على المشكاة 4/270,269
(1) راعيت هنا ترتيب الأمثلة التى انتقيتها على حسب ما جاءت فى صحيح البخارى لأنه ذكر التفسير النبوى على ترتيب سور القرآن فليتأمل !
(2) أخرجه البخارى – كتاب تفسير القرآن – باب قوله تعالى : ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القريـة فكـلوا مـنها حيث شئتم ... ) الأية – ح(4298) 8/14, ومسلم – كتاب التفسير – 18/152, والترمذى فى أبواب تفسير القرآن – سورة البقرة – ح(3132) , وفى تحفة الأحوذى ذكر أنه أخرجه أيضاً أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقى 8/234
(3) ينظر الكشاف 1/171
(1) أخرجه البخارى من حديث أبى سعيد الخدرى – كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً...) – ح (4306) – فتح البارى 8/21, وأخرجه الترمذى فى أبواب التفسير – ح (3140) , وفى تحفة الأحوذى ذكر أنه قد أخرجه أيضاً أحمد والبخارى والنسائى وغيرهم 8/239
(2) ولقد جاء بسند جيد عن أبى بن كعب فى قوله تعالى : ( لتكونوا شهداء...) وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة , كانوا شهداء على قوم نوح , وقوم صالح , وقوم شعيب , وغيرهم أن رسلهم بلغتهم , وأنهم كذبوا رسلهم . وقال أبو العالية : وهى قراءة أبى . فتح البارى 8/22 (3) انظر شرح الطيبى على المشكاة 10/190,189
(4)متفق عليه.أخرجه البخارى – كتاب التفسير – باب ( منه آيات محكمات )ح (3664)8/59 ومسلم - كتاب العلم =
= باب النهى عن اتباع متشابه القرآن 16/217, وقد أخرجه أيضاً أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة . ويراجع شرح الطيبى1/344, وتحفة الأحوذى 8/271
(1) بلفظ " فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم " .
(2) وقيل فى معناه نحو عشرة أقوال أخرى تراجع فى صحيح مسلم بشرح النووى 16/217, وفتح البارى 8/60
(3) ويراجع الكشاف للزمخشرى فى تفسير هذه الآية 1/366
(4) أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة فى كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم ...) الآية ح (4380) 8/80 , وأخرجه أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجة من حديث عبد الله بن مسعود ويراجع شرحه وتخريجه فى تحفة الأحوذى 8/289
(1) ينظر شرح الطيبى على المشكاة 4/11
(1) أخرجه البخارى من حديث ابن عباس – كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ...) ح (4440) 8/140
(2) يراجع الكشاف 3138
(3) الغرل : جمع الأغرل وهو الأقلف , والغرلة : القلفة .
(4) وقد صح فى الحديث تفسير الظلم بالشرك فى قوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ( الأنعام : 82) . والحديث أخرجه البخارى فى كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) ( لقمان : 13) – ح ( 4591) 8/383 وهذا الحديث من التفسير النبوى وهو غير الحديث المذكور.
(1) متفق عليه من حديث أبى موسى . أخرجه البخارى فى كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد ) ح (4501) , وأخرجه مسلم فى كتاب البر والصلة – باب تحريم الظلم 16/137, والترمذى فى أبواب التفسير – سورة هود ح ( 3311) 8/422,421, وأخرجه النسائى وابن ماجة .
(2) بنظر صحيح مسلم بشرح النووى 16/137, وشرح الطيبى على المشكاة 9/302 , وفتح البارى 8/22
(3) ينظر الكشاف 2/402
(4) متفق عليه من حد يث البراء بن عازب . أخرجه البخارى فى كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ...) ح ( 4514) 8/236, وأخرجه مسلم فى باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه , وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه 17/204, وأخرجه أبوداود والترمذى والنسائى .
(1) ينظر شرح الطيبى على المشكاة 1/303
(2) متفق عليه من حديث أبى سعيد . أخرجه البخارى فى كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( وأنذرهم يوم الحسرة ...) ح (4545) 8/290, وأخرجه مسلم فى باب جهنم أعاذنا الله منها – 17/184, وأخرجه الترمذى وأبو يعلى وابن حبان .
(1) يقول النووى : " وليس الموت بجسم فى صورة كبش أو غيره , فيتأول الحديث على أن الله يخلق هذا الجسم ثم يذبح مثالاً لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة . والكبش الأملح : قيل هو الأبيض الخالص . قاله الأعرابى , وقال الكسائى : هو الذى فيه بياض وسواد , وبياضه أكثر . صحيح مسلم بشرح النووى 17/185
(2) ويوم الحسرة من أسماء يوم القيامة عظمه الله , وحذره عباده . ويراجع تفسير ابن كثير 3/116

(3) متفق عليه من حديث أبى هريرة . أخرجه البخارى – كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( لا تـبديل لخلق الله ...) ح (4590) 8/382, وأخرجه مسلم – باب معنى كل مولود يولد على الفطرة 16/207
(1) ولقد عبر عن هذا الوضع بقوله " تنتج " ببناء الفعل للمفعول : وقد نتج الناقة ينتجها نتجاً : إذا تولى نتاجها حتى وضعت فهى ناتج , وهو للبهائم كالقابل للنساء , والأصل من نتجها . ينظر صحيح مسلم بشرح النووى 16/209, وشرح الطيبى على المشكاة 1/254
(2) متفق عليه من حديث عائشة . أخرجه البخارى – كتاب التفسير – باب قوله تعالى : ( فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) ح ( 4751) 8/579, وأخرجه مسلم – كتاب صفة الجنة ونعيمها – باب إثبات الحساب 17/208, وأخرجه الترمذى فى أبواب التفسير – سورة الانشقاق ح ( 3557) 9/180, والنسائى ح (679)
(1) يراجع تفسير الكشاف 4/727, و تفسير ابن كثير 4/443

(2) متفق عليه من حديث عبد الله بن زمعة . أخرجه البخارى – كتاب التفسير – باب سورة الشمس وضحاها – ح( 4754) 8/587, وأخرجه مسلم – باب جهنم أعاذنا الله منها – 17/188
(3) ينظر صحيح مسلم بشرح النووى 17188, وفتح البارى 8589
(4) ومنها : ح (4356) , ( 4450), (4485) , (4502) , (4509) , (4512) , (4535) , (4544) , ( 4591) ( 4596) , ( 4623) , (4666) , ( 4692) , ( 4750) , ( 4752) , ( 4759) , ( 4774) , ( 4779) , (4786) وهذه الأحاديث وغيرها فى كتاب التفسير من صحيح البخارى , ويراجع كتاب التفسير فى صحيح مسلم .
(1) وذلك فيما نقلته عن الرافعى فى إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ص 10

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق