الخميس، 9 أبريل 2009

التفنن :
والتفنن: أصله من الفن وهو واحد الفنون، وهى الأنواع، والأفانين: الأساليب، وهى أجناس الكلام وطرقه، ورجل متفنن: أى ذو فنون، وافتن الرجل فى حديثه وفى خطبته إذا جاء بالأفانين. وافتن: أخذ فى فنون من القول، وفنن فلان رأيه: لونه ولم يستقم على رأى واحد، والفن: التزيين. وفنن الكلام: اشتق فى فن بعد فن والتفنن: فعله(4). وعليه فالتفنن فى الكلام عند أهل اللغة يعنى: الاشتقاق فى فن بعد فن، وتغيير الكلام، وعدم استقامته على لون واحد، وهو ضرب من تزيين الكلام وتلوينه أما عن تعريفه عند البلاغيين فلقد أشار إليه صاحب الكشاف أثناء حديثه عن الالتفات فى قوله تعالى: )إياك نعبد وإياك نستعين( فقال: "فإن قلت: لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلت هذا يسمى الالتفات فى علم البيان قد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم .. وذلك على عادة افتنانهم فى الكلام وتصرفهم فيه، ولأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد، وقد تختص مواقعه بفوائد… (1).
ولقد كانت هذه الإشارة الدقيقة من صاحب الكشاف إلى أثر الالتفات والتفنن نبراساً أضاء الطريق للبلاغيين مما دفعهم إلى البحث عن أثره فى النظم القرآنى، وأثره فى الأساليب العربية، فنجد ابن الأثير يناقش صاحب الكشاف فيما ذكره حول سر الالتفات، والتفنن، ويرى أن وراء ذلك أسراراً أخرى غير التى ذكرها صاحب الكشاف فيقول: "وقال الزمخشرى رحمه الله: إن الرجوع من الغيبة إلى الخطاب إنما يستعمل للتفنن فى الكلام، والانتقال من أسلوب إلى أسلوب، تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه، وليس الأمر كما ذكره .. والذى عندى فى ذلك أن الانتقال من الخطاب إلى الغيبة، أو من الغيبة إلى الخطاب؛ لا يكون إلا لفائدة اقتضته، وتلك الفائدة أمر وراء الانتقال من أسلوب إلى أسلوب، غير أنها لا تحد بحد، ولا تضبط بضابط لكن يشار إلى مواضع منها ليقاس عليها غيرها….(3).
(4) ينظر الصحاح 2/1592 ط دار الفكر وأساس البلاغة 2/38 ط دار الكتب العلمية، والقاموس المحيط 4/258 ط الحلبى ،وتاج العروس 18/431 – 439 ط دار الفكر واللسان 5/3476 ط دار المعارف والمصباح المنير ص286 ط دار الحديث والمعجم الوسيط 2/710 ط مصر مادة "فنن".
(1) ينظر الكشاف 1/56.
(3) ينظر المثل السائر 2/3 ، 4 باختصار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق