الخميس، 9 أبريل 2009

مقتضى الحال والنظم :

ذكر الخطيب أن تطبيق الكلام على مقتضى الحال هو الذى يسميه الإمام عبد القاخر بالنظم حيث يقول: "النظم توفى معانى النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التى يصاغ لها الكلام (1) (2)
" وذلك لأنه قد كرر فى مواضع من كتابه أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذى يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه مثل أن تنظر فى الخبر مثلا إلى الوجوه التى تراها فى مثل: زيد ينطلق، وينطلق زيد، وزيد المنطلق، والمنطلق زيد، وزيد هو المنطلق، وزيد هو منطلق…" (3).

مقتضى الحال وظاهر الحال :
"
ذكر البلاغيون أم مقتضى الظاهر أخص مطلقاً من مقتضى الحال، فكل مقتضى الظاهر مقتضى الحال من غير عكس"(4). فالحال وظاهر الحال يتفقان فى أن كلا منهما أمر يدعو المتكلم إلى اعتبار خصوصية فى الكلام، ويتفقان من حيث إن ظاهر الحال أخص من الحال؛ لأن ظاهر الحال هو الوصف الثابت للمخاطب فى الواقع كخلو الذهن أو التردد أو الإنكار بخلاف الحال فهو أعم من أن يكون وصفاً ثابتاً له فى الواقع، أو كان أمراً مفروضاً فيه فرضاً، فظاهر الحال فى نحو قولك لمنكر حقيقة الإسلام: "إن الإسلام لحق" هو الإنكار، إذ هو الأمر الثابت له فى الواقع، وهو حال له أيضاً لأنه أمر دعا المتكلم إلى أن يعتبر فى الكلام خصوصية هى التأكيد أما فى نحو قولك للمسلم التارك للزكاة "إن الزكاة لواجبة" فإن الإنكار هنا يعتبر حالاً لأنه أمر دعا المتكلم لأن يعتبر التوكيد فى خطابه وليس ظاهر حال للمخاطب، إذ ليس وصفاً ثابتاً له فى الواقع، وإنما الثابت له عدم الإنكار غير أن المتكلم لم يعتبر هذا الوصف، وفرض فيه حالاً ليست صفة له هى الإنكار وخاطبه على هذا الفرض، فظهر أن ظاهر الحال أخص مطلقاً من الحال"(5).

فعلماء المعانى ينظرون إلى أحوال اللفظ العربى التى يطابق بها مقتضى الحال مثل التعريف، والتنكير والتقديم، والتأخير، والذكر والحذف … الخ. ينظرون كيف تكون هذه الأحوال واقعة فى الكلام موقعاً تطابق دواعى النفس ولم تأت زائدة ثقيلة ولا متكلفة كريهة. أما علم النحو فدرس هذه الأحوال من التقديم والتأخير، والذكر والحذف، وغيرها لكن دراسته لها تناولت جهة أخرى، فهو يبين جواز التقديم وامتناعه ووجوبه، وجواز الحذف وامتناعه ووجوبه، وأنواع التعريف، وأحكام التنكير، ولم يتناولها من حيث وقوعها مطلباً بيانياً يقتضيه المقام ويدعو إليه الحال"(6).
(1) ينظر الإيصاح 1/10 ، 14 ، 20.
(2) ينظر دلائل الإعجاز ص81، والمطوا ص27.
(3) ينظر دلائل الإعجاز ص81، والمطول ص27.
(4) ينظر المطول ص49.
(5) ينظر المطول ص49 حاشية السيد ص50، وحاشية المنياوى، ص38 ومحاضرات فى البلاغة العربية للأستاذ الدكتور/محمود شيخون ص67.
(6) ينظر خصائص التراكيب ص75.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق