الخميس، 9 أبريل 2009

الالتفات :
اشتهر عند الجمهور أن الالتفات هو: التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة بعد التعبير عنه بطريق آخر منها(4).
"وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله، فهو يقبل بوجهة تارة كذا، وتارة كذا، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة لأنه ينتقل فيه من صيغة إلى صيغة كانتقال من خطاب حاضر إلى غائب أو من خطاب غائب إلى حاضر"(5).
ولقد ذكر البلاغيون للالتفات ست صور :
الأولى: الالتفات من التكلم إلى الخطاب نحو قوله تعالى: )وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( (6).
الثانية: الالتفات من التكلم إلى الغيبة كقوله تعالى: )إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ( (1).

الثالثة: الالتفات من الخطاب إلى التكلم كقول علقمة بن عبدة:
طحابك قلبُ فى الحسان طَروبَ :. بُعَيْدَ الشباب عَصْرً حَان مَشيبُ
يكلَّفَنى ليـلى وأن شَــطَّ وَلْيُها :. وعادت عوادٍ بيننا وخطوبُ(2)

والشاهد فيه هو ان الكلام قد جرى فى البيت الأول على طريق الخطاب فى قوله "طحابك" ثم انتقل إلى طريق التكلم فى قوله "يكلفنى" وحسن هذا الانتقال هو أن التكليف بليلى، والحال كما وصف مقطع مهم من مقاطع المعنى ووقوعه على نفسه وقوعاً واضحاً ومباشراً مما يقوى به الكلام.

الرابعة: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى: )حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ….( (3)

الخامسة: الالتفات من الغيبة إلى التكلم كقوله تعالى: ) وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ ( (3).

السادسة: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى : )مَالِكِ يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( (4).

وجه حسن الالتفات :
يقول الخطيب "اعلم أن الالتفات من محـاسن الكـلام، ووجه حسنه على ما ذكر الزمخشرى (5)هو أن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وأكثر إيقاظاً للإصغاء من إجرائه على أسلوب واحد(6).
(4) ينظر الإيضاح 1/115.
(5) ينظر المثل السائر 2/3.
(6) الآية (22) من سورة يس.
(1) الآيتان (1 ، 2) من سورة الكوثر.
(2) ينظر الإيضاح 1/116، ومعاهد التنصيص 1/173.
(3) من الآية (22) من سورة يونس.
(3) من الآية (1) من سورة فاطر.
(4) الآيتان (4 ، 5) من سورة الفاتحة.
(5) ينظر الكشاف 1/56.
(6) ينظر الإيضاح 1/118.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق